الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4620 باب : الناس كإبل مائة ، لا تجد فيها راحلة

                                                                                                                              ولفظ النووي : (باب قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "الناس كإبل مائة ، لا تجد فيها راحلة") .

                                                                                                                              [ ص: 37 ] (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص101 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "تجدون الناس : كإبل مائة ، لا يجد الرجل فيها : راحلة" ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال ابن قتيبة : "الراحلة" : النجيبة ، المختارة من الإبل : للركوب ، وغيره . فهي كاملة الأوصاف . فإذا كانت في إبل : عرفت .

                                                                                                                              قال : ومعنى الحديث : أن الناس متساوون ، ليس لأحد منهم فضل : في النسب . بل هم أشباه ، كالإبل المائة .

                                                                                                                              وقال الأزهري : "الراحلة عند العرب" : الجمل النجيب ، والناقة النجيبة .

                                                                                                                              قال : والهاء فيها للمبالغة ، كما يقال : "رجل فهامة ، ونسابة" .

                                                                                                                              قال : والمعنى الذي ذكره "ابن قتيبة" : غلط . بل معنى الحديث : أن الزاهد في الدنيا ، الكامل في الزهد فيها ، والرغبة في الآخرة : قليل جدا ، كقلة "الراحلة" في الإبل . هذا كلام الأزهري .

                                                                                                                              قال النووي : وهو أجود من كلام "ابن قتيبة" . وأجود منهما : قول آخرين : إن معناه : "المرضى الأحوال من الناس ، الكامل الأوصاف ، الحسن المنظر ، القوي على الأحمال والأسفار" : قليل جدا ، كالراحلة [ ص: 38 ] في جماعات الإبل . وسميت "راحلة" : لأنها ترحل . أي : يجعل عليها الراحلة . فهي "فاعلة" ، بمعنى مفعولة ، "كعيشة راضية" . أي : مرضية ، ونظائره . انتهى .

                                                                                                                              وبالجملة : الحديث خبر عن فقد الرجال الأخيار ، وقلة الناس الأبرار ، مع كثرة نوعهم في الدنيا ، على وجه الأرض . بحيث لا تكاد تنحصر . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية