الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4169 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي ، في (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص3 ج15 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : " "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              أي : فاعل النوازل ، والحوادث ، وخالق الكائنات .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : "لا يسب أحدكم الدهر إلخ" .

                                                                                                                              أي : لا تسبوا فاعل النوازل ، فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى ، لأنه هو فاعلها ، ومنزلها . وأما الدهر الذي هو الزمان ، فلا فعل له ، بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى . قاله النووي .

                                                                                                                              [ ص: 179 ] قلت : وأكثر الخلق ابتلاء بهذه البلية المنهي عنها زمرة الشعراء الغاوين . فإنهم لا يزالون يسبون الدهر ، ويعبرون عنها بعبائر شتى ، وألفاظ لا تحصرها : (إلى وحتى) . فتارة : يشكون الزمان ، وتارة الفلك ، وتارة الدهر ، وتارة الليل والنهار ، وتارة الحين ، وتارة الساعة ، ونحوها من الألفاظ ، وتارة يقولون : يا بؤس الزمان ! وأخرى : يا خيبة الأوان ! وآونة : يا دهراه ! وأخرى : فلكاه ! ومثلها من المباني ، كأنهم يرون الحوادث كلها ، والنوازل جميعها : أنها قد صدرت من الدهر نفسه ، لا من فاعلها الحقيقي ، الذي هو الله الواحد القهار ، فقاتلهم الله ! أنى يؤفكون ؟

                                                                                                                              قال القسطلاني : يسبون الدهر ، لأنهم كانوا يزعمون أن مرور الأيام والليالي هو المؤثر في هلاك الأنفس . وينكرون ملك الموت ، وقبضه الأرواح بأمر الله ، ويضيفون كل حادث يحدث : إلى الدهر والزمان . وأشعارهم : ناطقة بشكوى الزمان . وهذا مذهب الدهرية من الكفار .

                                                                                                                              والدهرية المنكرون للصانع المعتقدون أن في كل ثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه . ويزعمون : أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى . فكابروا العقول ، وكذبوا المنقول ، ووافقهم مشركو العرب . وإليه ذهب آخرون ، ولكنهم معترفون بوجود الصانع الإله الحق عز وجل ، ولكنهم كانوا ينزهون أن تنسب إليه المكاره ، ويضيفونها إلى الدهر . فكانوا لذلك يسبون الدهر .




                                                                                                                              الخدمات العلمية