الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4677 (باب منه)

                                                                                                                              وذكره النووي في (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 134، 135 ج16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه. من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة») .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عمر ) ، رضي الله عنهما، (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه. من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) أي: أعانه عليها، ولطف به فيها.

                                                                                                                              (ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة. ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) .

                                                                                                                              [ ص: 328 ] في هذا: فضل إعانة المسلم، وتفريج الكرب عنه، وستر زلاته.

                                                                                                                              ويدخل في كشف الكربة وتفريجها: من أزالها بماله، أو جاهه، أو مساعدته. والظاهر أنه يدخل فيه من أزالها بإشارته، ورأيه، ودلالته.

                                                                                                                              وأما «الستر» المندوب إليه هنا، فالمراد به: الستر على ذوي الهيئات، ونحوهم، ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد.

                                                                                                                              فأما المعروف بذلك: فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر: إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء، والفساد، وانتهاك الحرمات، وجسارة غيره على مثل فعله.

                                                                                                                              هذا كله: في ستر معصية وقعت وانقضت. أما معصية رآه عليها، وهو بعد متلبس بها: فتجب المبادرة بإنكارها عليه، ومنعه منها، على من قدر على ذلك. ولا يحل تأخيرها.

                                                                                                                              فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر، إذا لم تترتب على ذلك مفسدة.

                                                                                                                              وأما جرح الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم: فيجب جرحهم عند الحاجة، ولا يحل الستر عليهم، إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم، وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة.

                                                                                                                              قال النووي : وهذا مجمع عليه. قال العلماء في القسم الأول (الذي يستر فيه هذا الستر) : مندوب، فلو رفعه إلى السلطان ونحوه: لم يأثم [ ص: 329 ] بالإجماع. ولكن هذا خلاف الأولى، وقد يكون في بعض صوره ما هو مكروه. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية