الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5268 (باب منه )

                                                                                                                              وهو في النووي ، في : (كتاب الزهد ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 101 - 103 ج18 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن خالد بن عمير العدوي ؛ قال : خطبنا عتبة بن غزوان فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ؛ فإن الدنيا قد آذنت بصرم ، وولت حذاء . ولم يبق منها إلا صبابة ، كصبابة الإناء : يتصابها صاحبها . وإنكم منتقلون منها : إلى دار ، لا زوال لها ، فانتقلوا : بخير ما بحضرتكم ، فإنه : قد ذكر لنا : أن الحجر يلقى من شفة جهنم ، فيهوي فيها : سبعين عاما ، لا يدرك لها قعرا ، ووالله ! لتملأن . أفعجبتم ؟

                                                                                                                              ولقد ذكر لنا : أن ما بين مصراعين -من مصاريع الجنة- : مسيرة أربعين سنة ، وليأتين عليها يوم ، وهو كظيظ من الزحام .

                                                                                                                              ولقد رأيتني -سابع سبعة ، مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم- : ما لنا طعام ، إلا ورق الشجر ، حتى قرحت أشداقنا ، فالتقطت بردة ؛ [ ص: 536 ] فشققتها بيني وبين سعد بن مالك ؛ فاتزرت بنصفها ، واتزر سعد بنصفها . فما أصبح -اليوم- منا أحد ، إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار . وإني أعوذ بالله : أن أكون -في نفسي- عظيما ، وعند الله : صغيرا .

                                                                                                                              وإنها ، لم تكن نبوة قط : إلا تناسخت ، حتى يكون آخر عاقبتها : ملكا . فستخبرون ، وتجربون : الأمراء بعدنا ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              «خطبة عتبة بن غزوان »

                                                                                                                              (عن خالد بن عمير العدوي ؛ قال : خطبنا عتبة بن غزوان ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ! فإن الدنيا قد آذنت بصرم ) : بهمزة ممدودة ، وفتح الذال . أي : أعلمت .

                                                                                                                              «والصرم » بالضم : الانقطاع ، والذهاب .

                                                                                                                              (وولت حذاء ) بحاء مهملة مفتوحة ، ثم ذال معجمة مشددة ، وألف ممدودة : أي : مسرعة الانقطاع .

                                                                                                                              (ولم يبق منها : إلا صبابة ، كصبابة الماء ) : بضم الصاد . أي : البقية اليسيرة من الشراب ، تبقى في أسفل الإناء .

                                                                                                                              (يتصابها ) أي : يشربها (صاحبها . وإنكم منتقلون منها : إلى دار ، لا زوال لها . فانتقلوا : بخير ما بحضرتكم . فإنه ؛ قد ذكر لنا : أن الحجر [ ص: 537 ] يلقى من شفة جهنم ، فيهوي فيها : سبعين عاما ، لا يدرك لها قعرا ) .

                                                                                                                              قعر الشيء : أسفله .

                                                                                                                              (ووالله : لتملأن . أفعجبتم ؟ ولقد ذكر لنا : أن ما بين مصراعين - من مصاريع الجنة - : مسيرة أربعين سنة ، وليأتين عليها يوم ، وهو كظيظ ) أي : ممتلئ (من الزحام .

                                                                                                                              ولقد رأيتني - سابع سبعة ، مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - : ما لنا طعام ، إلا ورق الشجر ، حتى قرحت أشداقنا ) أي : صار فيها «قروح ، وجراح » من خشونة الورق الذي نأكله ، وحرارته .

                                                                                                                              (فالتقطت بردة ، فشققتها بيني وبين سعد بن مالك ؛ فاتزرت بنصفها ، واتزر سعد بنصفها . فما أصبح - اليوم - منا أحد ، إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار . وإني أعوذ بالله : أن أكون في نفسي عظيما ، وعند الله صغيرا .

                                                                                                                              وإنها ، لم تكن نبوة قط ؛ إلا تناسخت ، حتى تكون آخر عاقبتها : ملكا . فستخبرون ، وتجربون : الأمراء بعدنا ) .

                                                                                                                              فيه : بيان زهد الصحابة ، وعدم افتنانهم : بإمارة الدنيا ، وزخارفها الفانية .

                                                                                                                              وفيه : أن النبوة تذهب بعد زمن ، ويخلفها ملك وسلطنة ، ويأتي الشر بعد الخير .




                                                                                                                              الخدمات العلمية