الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1348 باب فضل قراءة المعوذتين

                                                                                                                              ومثله في النووي ، في الجزء الثاني .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 96 ج6 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عقبة بن عامر ؛ قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «ألم تر آيات ، أنزلت -الليلة- ، لم ير مثلهن ، قط ؟ قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس » ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عقبة بن عامر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : « ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة ، لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس » ) .

                                                                                                                              [ ص: 581 ] قال النووي : فيه بيان عظم فضل هاتين السورتين . وقد سبق -قريبا- الخلاف في إطلاق تفضيل بعض القرآن على بعض .

                                                                                                                              وفيه : دليل واضح : على كونهما من القرآن ، ورد على من نسب إلى « ابن مسعود » : خلاف هذا .

                                                                                                                              وفيه : أن لفظة «قل » : من القرآن ثابتة ، من أول السورتين ، بعد البسملة . وقد أجمعت الأمة على هذا كله . انتهى .

                                                                                                                              وقد ورد في فضل هاتين السورتين - أحاديث ، ذكرها في «تحفة الذاكرين » ؛ وفي بعضها : عن عقبة - عند أبي داود ، والنسائي - بلفظ : ألا أعلمك خير سورتين ؟ .

                                                                                                                              [ ص: 582 ] قال الشوكاني : فيه دليل على مزيد فضلهما . ولا تعارض بين هذا ، وبين ما ورد فيه مثل ذلك : من السور والآيات . بل ينبغي : أن يحمل ما ورد تفضيله على أنه فاضل على ما عدا ما قد وقع تفضيله : بدليل آخر . فالتفضيل من هذه الحيثية «إضافي ، لا حقيقي » . وهذا شيء حسن . فإن منع من ذلك مانع ؛ فالمرجع : الترجيح بين الأدلة القاضية بالتفضيل .

                                                                                                                              قال : وقد كان « عبد الله بن مسعود » ، لا يثبت هاتين السورتين «في مصحفه » ، كما رواه «عبد الله بن أحمد » (في المسند ) ، والطبراني : [ ص: 583 ] عن « عبد الرحمن بن يزيد النخعي » ؛ قال : كان عبد الله بن مسعود ؛ يحك المعوذتين من مصاحفه ، ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله ، تعالى . ورجال إسناد « عبد الله بن أحمد » : رجال الصحيح . ورجال إسناد الطبراني : ثقات . وهكذا أخرج البزار (في مسنده ) : «أن ابن مسعود ، كان يحك المعوذتين من المصحف ، ويقول : إنما أمر النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم : أن يتعوذ بهما . وكان عبد الله ، لا يقرأ بهما » . ورجال إسناده : ثقات . وهكذا أخرجه الطبراني : بإسناد ، رجاله ثقات .

                                                                                                                              قال البزار : لم يتابع « عبد الله بن مسعود » : أحد من الصحابة . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أنه قرأهما في الصلاة ، وأثبتتا في المصحف . انتهى .

                                                                                                                              قال : قلت : وقد تقدم أن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ قال فيهما : «إنهما خير سورتين » . وقد تقدم أمره : بالقراءة بهما . وهذا خاصة من خواص القرآن . وتقدم أيضا : «أن من قرأ بهما » ، فكأنما قرأ جميع ما أنزل على محمد ، صلى الله عليه وآله وسلم » .

                                                                                                                              وأجمع على ذلك : الصحابة ، وجميع أهل الإسلام ، «طبقة بعد طبقة » . والصحابي بشر . وليس قوله حجة ، في مثل هذا . على فرض [ ص: 584 ] عدم مخالفته لما ثبت عن الشارع ، فكيف وقد خالف ههنا : السنة الثابتة ، والإجماع المعلوم ؟ انتهى كلام الشوكاني .

                                                                                                                              وقد عرفت بهذا : أن قول النووي - المتقدم - بلفظ : وفيه رد على من نسب إلى « ابن مسعود » خلاف هذا . انتهى : ليس كما ينبغي . فإن الخلاف عنه «رضي الله عنه » : ثابت بما حكاه الشوكاني رحمه الله قريبا . والجواب عن هذا الخلاف : الجواب المتقدم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية