الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1109 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي فيما أشير إليه.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 196 جـ5 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ابن عباس، قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة .] [ ص: 229 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 229 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عباس ) رضي الله عنهما، (قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم: في الحضر أربعا. وفي السفر ركعتين) .

                                                                                                                              وفي حديث عائشة في الصحيحين، وغيرهما: (أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر. وأتمت صلاة الحضر) .

                                                                                                                              وهذا إخبار: بأن صلاة السفر، أقرت على ما فرضت عليه. فمن زاد فيها، فهو كمن زاد على أربع، في صلاة الحضر.

                                                                                                                              ولا يصح: التعلق بما روي عنها: "أنها كانت تتم".

                                                                                                                              فإن ذلك، لا تقوم به الحجة. بل الحجة في روايتها، لا في رأيها.

                                                                                                                              وهكذا، لم يثبت ما روي عنها: "أنها روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أتم".

                                                                                                                              وقد وافقها على هذا الخبر، الذي أخبرت به: ( ابن عباس ) ، كما في حديث الباب.

                                                                                                                              ومن ذلك: ما أخرجه أحمد، والنسائي، وابن ماجة؛ عن عمر "رضي الله عنه":

                                                                                                                              (قال: صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، تمام من غير قصر. على لسان محمد صلى الله عليه وسلم) . ورجاله رجال الصحيح.

                                                                                                                              وأخرج النسائي وابن حبان، وابن خزيمة، في صحيحيهما: عن ابن عمر "رضي الله عنهما":

                                                                                                                              [ ص: 230 ] قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتانا ونحن ضلال فعلمنا. فكان مما علمنا: أن الله عز وجل أمرنا: أن نصلي ركعتين في السفر .

                                                                                                                              فهذه الأدلة، قد دلت على: أن القصر واجب، غير رخصة.

                                                                                                                              وهي ترد على من قال: القصر أفضل، ويجوز الإمام. وهم أكثر العلماء، والشافعي، ومالك.

                                                                                                                              ومذهب أبي حنيفة "رحمه الله": أن القصر واجب، ولا يجوز الإمام. وهو الصحيح الراجح المختار.

                                                                                                                              ولا ضرورة تلجئ إلى تأويل حديث عائشة، بأن المراد: فرضت ركعتين، لمن أراد الاقتصار عليهما؛ لأن ظاهر الحديث يأباه. وتقدم الجواب عن الآية.

                                                                                                                              وعلى هذا، فقول النووي رحمه الله: (وثبتت دلائل جواز الإتمام، فوجب المصير إليها، والجمع بين دلائل الشرع) : ليس على ما ينبغي.

                                                                                                                              كيف والحجة في الرواية دون رأي الرواة، وفعل الصحابة؟

                                                                                                                              وأما ما روي: (أن الصحابة كانوا يسافرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم القاصر، ووهم المتيم، ومنهم الصائم، ومنهم المفطر. لا يعيب بعضهم على بعض) . كذا قال النووي .

                                                                                                                              [ ص: 231 ] وقد عزا هذا إلى صحيح مسلم، فلم نجده فيه.

                                                                                                                              ويجاب عنه؛ بأنه لم يكن فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك، وقررهم عليه.

                                                                                                                              وقد شهدت أقواله وأفعاله، بخلاف ذلك.

                                                                                                                              وقد أنكر جماعة منهم، على عثمان لما أتم بمنى.

                                                                                                                              (وفي الخوف ركعة) . وفي رواية أخرى بلفظ: "إن الله فرض الصلاة، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم: على المسافر ركعتين، وعلى المقيم أربعة، وفي الخوف ركعة".

                                                                                                                              هذا الحديث، قد عمل بظاهره طائفة من السلف، منهم: الحسن، والضحاك، وإسحاق.

                                                                                                                              وقال الشافعي، ومالك، والجمهور: إن صلاة الخوف كصلاة الأمن، في عدد الركعات.

                                                                                                                              فإن كانت في الحضر: أربع ركعات.

                                                                                                                              وإن كانت في السفر: وجب ركعتان. ولا يجوز الاقتصار على ركعة واحدة، في حال من الأحوال.

                                                                                                                              وتأولوا هذا الحديث، على أن المراد: ركعة مع الإمام، وركعة أخرى [ ص: 232 ] يأتي بها منفردا، كما جاءت الأحاديث الصحيحة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، في الخوف.

                                                                                                                              قال النووي : وهذا التأويل لابد منه، للجمع بين الأدلة. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية