الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                                        السنن الكبرى للنسائي

                                                                                                                        النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 458 ] 77 - هاجر رضي الله عنها

                                                                                                                        8518 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن أيوب ، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة - يزيد أحدهما على الآخر - عن سعيد بن جبير ، قال ابن عباس : أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم وابنها إسماعيل وهي ترضع ، حتى وضعها عند البيت ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء فوضعها هنالك ، ووضع عندها جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم ، فاتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم ، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذا لا يضيعنا ، ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم ، استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الدعوات ، ورفع يديه ، فقال : إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم إلى : لعلهم يشكرون ، فجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل ، وتشرب ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في ذلك [ ص: 459 ] السقاء عطشت ، وعطش ابنها وجاع ، وانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل يليها ، فقامت عليه ، واستقبلت الوادي ؛ هل ترى أحدا ، فلم تر أحدا ، فهبطت من الصفا ، حتى إذا بلغت الوادي ، رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي المجهد ، ثم أتت المروة ، فقامت عليها ونظرت ؛ هل ترى أحدا ، فلم تر أحدا . فعلت ذلك سبع مرات .

                                                                                                                        قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك سعي الناس بينهما . فلما نزلت عن المروة سمعت صوتا ، فقالت : صه - تريد نفسها - ثم تسمعت فسمعت أيضا ، قالت : قد أسمعت إن كان عندك غوث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم يبحث بعقبه أو بجناحه حتى ظهر الماء ، فجاءت تحوضه هكذا ، وتقول بيدها ، وجعلت - يعني - تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بقدر ما تغرف .

                                                                                                                        قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أم إسماعيل ، لو تركت زمزم . أو قال : لو لم تغترف من الماء ، لكانت عينا معينا . فشربت وأرضعت ولدها ، فقال الملك : لا تخافي الضيعة ؛ فإن هاهنا بيت الله ، يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله ، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول عن [ ص: 460 ] يمينه وشماله ، فكانوا كذلك حتى مرت رفقة ، أو قال : بيت من جرهم مقبلين ، فنزلوا في أسفل مكة ، فرأوا طائرا عارضا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء ، ولعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبروهم بالماء ، وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ، ولا حق لكم في الماء .

                                                                                                                        قال ابن عباس : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا ، وأرسلوا إلى أهاليهم ، فنزلوا معهم ، وشب الغلام ، وتعلم العربية منهم ، وأعجبهم حين شب ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم ، وماتت أم إسماعيل
                                                                                                                        .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        الخدمات العلمية