معنى «مناة»
وأما «مناة»، فكانت بالمشلل عند «قديد» بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة، والأوس والخزرج يعظمونها ويهلون منها للحج.
وأصل اشتقاقها من اسم «المنان»، وقيل: لكثرة ما يمنى - أي: يراق عندها من الدماء للتبرك بها.
قال في حديث البخاري، عن عروة إنها صنم بين عائشة: مكة والمدينة. قال ابن هشام: فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليا، فهدمها عام الفتح.
وقال ابن كثير: بعث في غزوة خالد بن الوليد بني المصطلق فكسرها.
فمعنى الآية الشريفة كما قال القرطبي -: أفرأيتم هذه الآلهة؟ أنفعت أو ضرت حتى تكون شركاء لله ؟ انتهى.
وبالجملة، إن كان من الشرك الأكبر، فهو واضح، وإن كان من الشرك الأصغر، فالسلف يستدلون بما نزل في الأكبر على الأصغر. فالتبرك بالشجر، والقبر، والحجر،
ومناسبة الدليل بالمدلول عليه من جهة أن عباد هذه الأوثان إنما كانوا يعتقدون حصول البركة منها، بتعظيمها، ودعائها والاستعانة بها، والاعتماد عليها في حصول ما يرجونه منها ويأملونه ببركتها، وشفاعتها، إلى غير ذلك من الشرك بقبور الصالحين؛ كاللات، وبالأشجار والأحجار ؛ كالعزى والمناة، [ ص: 234 ] فهذه الجملة من أفعال أولئك المشركين مع تلك الأوثان.
فمن فعل مثل ذلك، واعتقده، في حجر، أو شجر، قد ضاهاهم فيما كانوا يفعلون.
على أن الواقع من مشركي هذه الأزمنة مع معبوديهم ومعظميهم من القبور والمشاهد، ذوات القباب والجنابذ، أعظم مما وقع من أولئك.
وفي حديث - رضي الله عنه -: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي واقد الليثي حنين، ونحن حدثاء عهد بالكفر.
وفي رواية أخرى عن عمرو بن عوف عند أبي حاتم، وابن مردويه، قال: والطبراني، حنين والطائف إلخ، ومعنى حدثاء عهد: قريبو العهد بالكفر. غزونا مع رسول صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، ونحن ألف ونيف، حتى إذا كنا بين
ففيه دليل على أن غيرهم، ممن تقدم إسلامه من الصحابة، لا يجهل هذا، وأن المنتقل من الباطل الذي يعتاده قلبه، لا يأمن أن يكون فيه بقية من تلك العادة.