فصل
في تلاعبه بالأمة الغضبية، وهم اليهود
قال تعالى: بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب [البقرة: 90].
وقال تعالى: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير [المائدة: 60] وقال: ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون [المائدة: 80].
وقد أمرنا الله سبحانه أن نقول في صلاتنا: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين [الفاتحة: 6 -7 ].
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون».
فأول تلاعبه بهم: أن قالوا -في عهد نبيهم، مع قرب العهد بإنجائهم، وإغراق فرعون، وقد رأوا قوما يعكفون على أصنام لهم-: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة [الأعراف: 138].
ثم عبادتهم للعجل، وقد شاهدوا ما حل بالمشركين من العقوبة، وشاهدوا صانعه يصنعه ويصوغه، ويصليه النار، ويضربه بالمطرقة، ويسطو عليه بالمبرد وجعلوه إله موسى أيضا، ونسبوا إليه عبادة الحيوان، بل عبادة أبلد الحيوانات، ونسبوا إليه الخطأ والضلال عنه قالوا: هذا إلهكم وإله موسى فنسي . [طه: 88]
[ ص: 445 ] قال أي: ضل، وأخطأ الطريق. وفي رواية عنه: ذهب يطلب به، فضل ولم يعلم مكانه. ابن عباس:
وقال أي: ترك إلهه هاهنا، وذهب يطلبه. السدي:
قال محمد بن جرير: وكان سبب اتخاذهم العجل: ما رويناه عن قال: لما هجم «فرعون» على البحر، وكان على فرس أدهم حصان، فهاب الحصان أن يقتحم في البحر، فتمثل له جبريل على فرس أنثى، فلما رآها الحصان، تقحم خلفها. ابن عباس،
قال: وعرف «السامري» جبريل، فقبض قبضة من أثر فرسه، من تحت حافرها، وكان السامري من قوم يعبدون البقر، فكان يحب عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل.
ومن تلاعب الشيطان بهم في حياة نبيهم: ما قصه الله في كتابه من قولهم: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة [البقرة: 55]: أي: عيانا، وكذا قولهم لنبيهم: فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون [المائدة: 24].
وتبديلهم ما أمروا أن يقولوه عند دخول باب «بيت المقدس» ودخولهم على أستاههم، وقد أمروا أن يدخلوه سجدا.
وكذا امتناعهم من العمل بما في التوراة حتى يلقى عليهم الجبل، كأنه ظلة.