[ ص: 275 ] من يستحق أن يسمى فقيها؟ ومن هو أعلم الناس؟
وأما من يستحق أن يسمى فقيها أو عالما حقيقة لا مجازا، ومن يجوز له الفتيا عند العلماء، فأخرج بأسانيد رجال بعضها ثقات، أبو عمر بن عبد البر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه قال: «يا عبد الله بن مسعود!» قلت: لبيك يا رسول الله، ثلاث مرات، قال: «أتدري أي الناس أعلم؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس، وإن كان مقصرا في العمل، وإن كان يزحف على استه ابن مسعود . عن
قال وهذه صفة الفقهاء. وفي رواية: أبو يوسف القاضي: «أفضلهم علما، أفضلهم عملا».
وأخرج بسند فيه إسحاق بن أسيد، عن -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: علي بن أبي طالب «ألا أنبئكم بالفقيه كل الفقيه؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من لم يقنط الناس من رحمة الله، ومن لم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله، ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه. ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا علم ليس فيه تفهم، ولا قراءة ليس فيها تدبر».
قال لا يأتي هذا الحديث مرفوعا إلا من هذا الوجه، وأكثرهم يوقفونه على ابن عبد البر: كرم الله وجهه. علي
وقال الحارث بن يعقوب: إن الفقيه من فقه في السنة والقرآن، وعرف مكائد الشيطان.
وعن ابن القاسم قال: سئل لمن يجوز الفتوى؟ قال: لا يجوز إلا لمن علم اختلاف الناس فيها، قيل: له: اختلاف أهل الرأي؟ قال: لا، بل اختلاف أصحاب مالك: محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلم الناسخ والمنسوخ، وحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فذلك يفتي.
[ ص: 276 ] وقال لا يكون إماما في الفقه من لم يكن إماما في القرآن والآثار، ولا يكون إماما في الآثار من لم يكن إماما في الفقه؛ أي: في علم القرآن. ابن الماجشون:
وعن أنه كان يقول: ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه، ذهب نقصه لفضله، كما أنه من غلب عليه نقصه، ذهب فضله. سعيد بن المسيب:
وقال غيره: لا يسلم العالم من الخطأ، فمن أخطأ قليلا، وأصاب كثيرا، فهو عالم، ومن أصاب قليلا، وأخطأ كثيرا، فهو جاهل.
وفي المثل السائر: «الفاضل من عدت سقطاته، وأحرزت ملتقطاته».