باب في صيام المظاهر ومن لا يتابع صومه اختيارا أو لمرض أو نسيان
nindex.php?page=treesubj&link=23277الصوم عن الظهار شهران متتابعان حسب ما ذكر الله سبحانه في كتابه، فمن أتى به متفرقا متعمدا لم يجزئه، وإن كانت التفرقة عن مرض أجزأه.
واختلف إذا كانت عن نسيان أو خطأ في العدد أو جهل بالحكم فقال في كتاب محمد في النسيان: لا يجزئه.
وعلى هذا لا يجزئه إن كانت التفرقة عن جهل، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=23276صام ذا القعدة وذا الحجة جاهلا يظن أنه يجزئه، قال: يجزئه، وعلى هذا يجزئ الناسي، ومن أخطأ العدد فداخل في الناسي.
وقال
محمد بن عبد الحكم: المرض والنسيان سواء يجزئه. قال: لأن كل ذلك من أمر الله تعالى، لا يستطيع العبد دفعه، وهو أبين، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=11222 "حمل عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
فسوى بين النسيان والاستكراه، والاستكراه لا يسقط التتابع، وكذلك النسيان، وقياسا على الصلاة أنه لا خلاف أن الواجب أن يأتي بها متتابعة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سلم من صلاته من ركعتين، ثم قام إلى خشبة
[ ص: 2342 ] معروضة في المسجد، فكلم على قصر الصلاة، فكانت منه مراجعة، وفي بعض الروايات أنه دخل إلى بعض حجره، ثم بنى على ما تقدم من صلاته، وأما إن جهل فابتدأ الصوم في ذي القعدة وذي الحجة، فالصواب أن يبتدئ، بخلاف الناسي: لأن هذا متعمد، أو لو
nindex.php?page=treesubj&link=25356جهل رجل أعداد الصلاة وظن أن الظهر ركعتان، فصلاها على ذلك فلما سلم وتكلم أعلم أنها أربع - لم يجزئه أن يبني على ما صلى أربعا.
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=23276ابتدأ صيامه في شوال، ثم مرض ذا القعدة، ثم صح ذا الحجة - أجزأه أن يبني على ما تقدم؛ لأن المرض أخره إلى ذي الحجة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في العتبية
nindex.php?page=treesubj&link=23274فيمن صام عن ظهارين فواصل أربعة أشهر، ثم ذكر يومين لا يدري من أي ظهاريه، صام يومين يصلهما، وأتى بشهرين.
[ ص: 2343 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13055عبد الملك بن حبيب: إن وصل الكفارتين ثم ذكر يومين كان أفطرهما ناسيا أو خطئ فأقل ما يجزئه يوم يصله بالشهرين الأخيرين، ثم يأتي بشهرين؛ لأن أكثر ما عليه أن يكون يوم من آخر الكفارة الأولى، ويوم من أول الثانية.
وقال الشيخ - رضي الله عنه -: إذا ذكر يوما من أول صومه، وكان قد وصل الصوم الأول بالثاني، فعلى أصل
nindex.php?page=showalam&ids=13055عبد الملك- يكون أول يوم من الشهرين الأخيرين تماما للأوليين، قياسا على قوله فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=28165سلم من ركعتين من الظهر، ثم أتى بركعتين نفلا إنها تجزئ عن الظهر؛ لأنه لم يرفض النية الأولى، وإنما أحدث نية ظنا منه أنه وفى بالأولى، وكذلك هذا أحدث نية ظنا منه أنه وفى الصوم الأول، فيجزئه الأول، ويكون النقص من الثاني، فإن ذكر في آخر الثاني وقبل أن يأخذ في الفطر- أتى بيوم يصله بشهرين وأجزأه.
ويختلف إذا ذكر بعد أن أخذ في الفطر هل يأتي بيوم أو يستأنف صومه، على الخلاف في الناسي، وإن كان عين صومه عن كل امرأة صام يوما عن الأولى، وحلت له، وأمسك عن الثانية، وإن لم يكن عين أمسك عنهما حتى يصلح الآخر، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم يكون النقص من الأول، ثم يختلف في استئنافه، والقول: إن النسيان لا يسقط التتابع أحسن، وقد تقدم، فلا يكون عليه إلا قضاء يوم، وإن ذكر ذلك اليوم في تضاعيف صومه الثاني- جرت على
[ ص: 2344 ] قولين، هل يتم ما هو فيه، ثم يصوم ذلك اليوم الأول، أو يبتدئ بالذي نسي، بمنزلة من ذكر صلاة وهو في صلاة؟
وأرى أن يتم الثاني ثم يقضي الأول، ولو رجع إلى تمام الأول لرأيت أن يرجع إلى تمام الثاني، ولا يستأنفه؛ لأنه لم يتخلل الثاني فطر، وإنما تخلله صوم وقربة لله سبحانه، وفي كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب نحو ذلك فيمن صام شعبان وشوال أنه يجزئه، وإن تخلله رمضان.
وفي ثمانية
أبي زيد مثل ذلك فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=1689نسي ركعة، ثم ذكرها بعد أن تلبس بصلاة، قال: يأتي بما نقص، وإن طالت صلاته الثانية؛ لأنه كان في قربة، بخلاف أن يكون ذلك القدر في غير صلاة.
فإن قال: لا أدري من أي الصومين ذلك اليوم، وكان قد أخذ في الفطر بعد انقضاء الشهرين الآخرين- استأنف صوم الأربعة الأشهر، على القول: إن
nindex.php?page=treesubj&link=23276_23275النسيان يسقط التتابع إذا كان قد عين الصوم عن كل امرأة، وإن لم يكن عين فعلى القول أن النسيان لا يفسد التتابع فإن عين صام يومين، وإن لم يعين صام صوما ينوي به الباقي في الذمة.
ولو قيل فيمن عين: إنه يجزئه يوم، لكان وجها؛ لأنه ينوي به الذي أسقطه منهما، وكذلك على القول إنه يفسد بالنسيان، يصح أن يأتي بشهرين، وإن كان
[ ص: 2345 ] عين وينوي به الذي أفسد منهما.
وكل هذا ما لم يصب، فإن وطئ فسد صومه عن إحداهما؛ لأن صومه عن واحدة صحيح، ثم يوقف عنها حتى يكفر كفارة أخرى، ومن أكل في نهاره بعد أن بيت الصوم- قضى يوما، وواصله بصيامه، وأجزأه، ولم يستأنف؛ لأن بعض أهل العلم قال: إن صوم ذلك اليوم صحيح لا يجب قضاؤه، وقياد المذهب أن يكون بمنزلة من بيت الفطر؛ لأنه لم يختلف قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه إنه صوم فاسد يجب قضاؤه فلا يحتسب به.
nindex.php?page=treesubj&link=23274وإن وطئ المظاهر الزوجة التي ظاهر منها ناسيا أو عامدا في ليل أو نهار في شهري صيامه- بطل صيامه، ووجب استئنافه، لقول الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3من قبل أن يتماسا وكذلك إن
nindex.php?page=treesubj&link=12114أطعم بعض المساكين، ثم أصاب؛ فإنه يستأنف، ولا يجوز الوطء قبل استكمال الإطعام، كما لم يجز في العتق والصيام؛ لأن الإطعام إن أتى به جملة كان كالعتق، أو متفرقا كان كالصيام.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873عبد الملك بن الماجشون في كتابه: إن وطئ قبل أن يتم الإطعام أحب إلي أن يستأنف، وأظنه قال ذلك مراعاة لما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري إنه يجوز له أن يطأ قبل أن يطعم، وقد اختلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري في ذلك.
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=23275أصاب غير التي ظاهر منها نهارا عامدا بطل، كما لو أكل عامدا، ويختلف إذا وطئ ناسيا؛ هل يجزئه، أو يستأنف حسب ما تقدم إذا أكل ناسيا؟
بَابٌ فِي صِيَامِ الْمُظَاهِرِ وَمَنْ لَا يُتَابِعُ صَوْمَهُ اخْتِيَارًا أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ نِسْيَانٍ
nindex.php?page=treesubj&link=23277الصَّوْمُ عَنِ الظِّهَارِ شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ حَسَبَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ، فَمَنْ أَتَى بِهِ مُتَفَرِّقًا مُتَعَمِّدًا لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ كَانَتِ التَّفْرِقَةُ عَنْ مَرَضٍ أَجْزَأَهُ.
وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ عَنْ نِسْيَانٍ أَوْ خَطَأٍ فِي الْعَدَدِ أَوْ جَهْلٍ بِالْحُكْمِ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي النِّسْيَانِ: لَا يُجْزِئُهُ.
وَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُهُ إِنْ كَانَتِ التَّفْرِقَةُ عَنْ جَهْلٍ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23276صَامَ ذَا الْقِعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ جَاهِلًا يَظُنُّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، قَالَ: يُجْزِئُهُ، وَعَلَى هَذَا يُجْزِئُ النَّاسِي، وَمَنْ أَخْطَأَ الْعَدَدَ فَدَاخِلٌ فِي النَّاسِي.
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْمَرَضُ وَالنِّسْيَانُ سَوَاءٌ يُجْزِئُهُ. قَالَ: لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ دَفْعَهُ، وَهُوَ أَبْيَنُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=11222 "حُمِلَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ".
فَسَوَّى بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالِاسْتِكْرَاهِ، وَالِاسْتِكْرَاهُ لَا يُسْقِطُ التَّتَابُعَ، وَكَذَلِكَ النِّسْيَانُ، وَقِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُتَتَابِعَةً، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ صِلَاتِهِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ
[ ص: 2342 ] مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَكُلِّمَ عَلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ، فَكَانَتْ مِنْهُ مُرَاجَعَةً، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ دَخَلَ إِلَى بَعْضِ حُجَرِهِ، ثُمَّ بَنَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِلَاتِهِ، وَأَمَّا إِنْ جَهِلَ فَابْتَدَأَ الصَّوْمَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ، فَالصَّوَابُ أَنْ يَبْتَدِئَ، بِخِلَافِ النَّاسِي: لِأَنَّ هَذَا مُتَعَمَّدٌ، أَوْ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=25356جَهِلَ رَجُلٌ أَعْدَادَ الصَّلَاةَ وَظَنَّ أَنَّ الظُّهْرَ رَكْعَتَانِ، فَصَلَّاهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا سَلَّمَ وَتَكَلَّمَ أُعْلِمَ أَنَّهَا أَرْبَعٌ - لَمْ يُجْزِئْهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا صَلَّى أَرْبَعًا.
وَلَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=23276ابْتَدَأَ صِيَامَهُ فِي شَوَّالَ، ثُمَّ مَرِضَ ذَا الْقِعْدَةِ، ثُمَّ صَحَّ ذَا الْحِجَّةِ - أَجْزَأَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ أَخَّرَهُ إِلَى ذِي الْحِجَّةِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=23274فِيمَنْ صَامَ عَنْ ظِهَارَيْنِ فَوَاصَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ يَوْمَيْنِ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ ظِهَارَيْهِ، صَامَ يَوْمَيْنِ يَصِلُهُمَا، وَأَتَى بِشَهْرَيْنِ.
[ ص: 2343 ]
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13055عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: إِنْ وَصَلَ الْكَفَّارَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ يَوْمَيْنِ كَانَ أَفْطَرَهُمَا نَاسِيًا أَوْ خَطِئَ فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُهُ يَوْمٌ يَصِلُهُ بِالشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، ثُمَّ يَأْتِي بِشَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ يَوْمٌ مِنْ آخِرِ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى، وَيَوْمٌ مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إِذَا ذَكَرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ صَوْمِهِ، وَكَانَ قَدْ وَصَلَ الصَّوْمَ الْأَوَّلَ بِالثَّانِي، فَعَلَى أَصْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13055عَبْدِ الْمَلِكِ- يَكُونُ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ تَمَامًا لِلْأَوَّلِيَّيْنِ، قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28165سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، ثُمَّ أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ نَفْلًا إِنَّهَا تُجْزِئُ عَنِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضِ النِّيَّةَ الْأَوْلَى، وَإِنَّمَا أَحْدَثُ نِيَّةً ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ وَفَّى بِالْأُولَى، وَكَذَلِكَ هَذَا أَحْدَثَ نِيَّةً ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ وَفَّى الصَّوْمَ الْأَوَّلَ، فَيُجْزِئُهُ الْأَوَّلُ، وَيَكُونُ النَّقْصُ مِنَ الثَّانِي، فَإِنْ ذَكَرَ فِي آخِرِ الثَّانِي وَقَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْفِطْرِ- أَتَى بِيَوْمٍ يَصِلُهُ بِشَهْرَيْنِ وَأَجْزَأَهُ.
وَيُخْتَلَفُ إِذَا ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ فِي الْفِطْرِ هَلْ يَأْتِي بِيَوْمٍ أَوْ يَسْتَأْنِفُ صَوْمَهُ، عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّاسِي، وَإِنْ كَانَ عَيَّنَ صَوْمَهُ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ صَامَ يَوْمًا عَنِ الْأُولَى، وَحَلَّتْ لَهُ، وَأَمْسَكَ عَنِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ أَمْسَكَ عَنْهُمَا حَتَّى يُصْلِحَ الْآخَرَ، وَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ النَّقْصُ مِنَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَخْتَلِفُ فِي اسْتِئْنَافِهِ، وَالْقَوْلُ: إِنَّ النِّسْيَانَ لَا يُسْقِطُ التَّتَابُعَ أَحْسَنُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ إِلَّا قَضَاءُ يَوْمٍ، وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي تَضَاعِيفِ صَوْمِهِ الثَّانِي- جَرَتْ عَلَى
[ ص: 2344 ] قَوْلَيْنِ، هَلْ يَتِمُّ مَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ، أَوْ يَبْتَدِئُ بِالَّذِي نَسِيَ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ؟
وَأَرَى أَنْ يُتِمَّ الثَّانِي ثُمَّ يَقْضِي الْأَوَّلَ، وَلَوْ رَجَعَ إِلَى تَمَامِ الْأَوَّلِ لَرَأَيْتُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى تَمَامِ الثَّانِي، وَلَا يَسْتَأْنِفَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلِ الثَّانِي فِطَرٌ، وَإِنَّمَا تَخَلَّلَهُ صَوْمٌ وَقُرْبَةٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَفِي كِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابْنِ حَبِيبٍ نَحْوُ ذَلِكَ فِيمَنْ صَامَ شَعْبَانَ وَشَوَّالَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَإِنْ تَخَلَّلَهُ رَمَضَانُ.
وَفِي ثَمَانِيَةِ
أَبِي زَيْدٍ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=1689نَسِيَ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ أَنْ تَلَبَّسَ بِصَلَاةٍ، قَالَ: يَأْتِي بِمَا نَقَصَ، وَإِنْ طَالَتْ صَلَاتُهُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي قُرْبَةٍ، بِخِلَافِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَدْرُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ.
فَإِنْ قَالَ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ الصَّوْمَيْنِ ذَلِكَ الْيَوْمُ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ فِي الْفِطْرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرَيْنِ الْآخَرَيْنِ- اسْتَأْنَفَ صَوْمَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، عَلَى الْقَوْلِ: إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23276_23275النِّسْيَانَ يُسْقِطُ التَّتَابُعَ إِذَا كَانَ قَدْ عَيَّنَ الصَّوْمَ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ فَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُفْسِدُ التَّتَابُعَ فَإِنْ عَيَّنَ صَامَ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صَامَ صَوْمًا يَنْوِي بِهِ الْبَاقِي فِي الذِّمَّةِ.
وَلَوْ قِيلَ فِيمَنْ عَيَّنَ: إِنَّهُ يُجْزِئُهُ يَوْمٌ، لَكَانَ وَجْهًا؛ لِأَنَّهُ يَنْوِي بِهِ الَّذِي أَسْقَطَهُ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ يَفْسُدُ بِالنِّسْيَانِ، يَصِحُّ أَنْ يَأْتِيَ بِشَهْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ
[ ص: 2345 ] عَيَّنَ وَيَنْوِي بِهِ الَّذِي أَفْسَدَ مِنْهُمَا.
وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يُصِبْ، فَإِنْ وَطِئَ فَسَدَ صَوْمُهُ عَنْ إِحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ عَنْ وَاحِدَةِ صَحِيحٌ، ثُمَّ يُوقَفُ عَنْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةً أُخْرَى، وَمَنْ أَكَلَ فِي نَهَارِهِ بَعْدَ أَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ- قَضَى يَوْمًا، وَوَاصَلَهُ بِصِيَامِهِ، وَأَجْزَأَهُ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: إِنَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ صَحِيحٌ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَقِيَادُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِنَّهُ صَوْمٌ فَاسِدٌ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ.
nindex.php?page=treesubj&link=23274وَإِنْ وَطِئَ الْمُظَاهِرُ الزَّوْجَةَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي شَهْرَيْ صِيَامِهِ- بَطَلَ صِيَامُهُ، وَوَجَبَ اسْتِئْنَافُهُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وَكَذَلِكَ إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12114أَطْعَمَ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ أَصَابَ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ، وَلَا يَجُوزُ الْوَطْءُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الْإِطْعَامِ، كَمَا لَمْ يَجُزْ فِي الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ؛ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ إِنْ أَتَى بِهِ جُمْلَةً كَانَ كَالْعِتْقِ، أَوْ مُتَفَرِّقًا كَانَ كَالصِّيَامِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12873عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ فِي كِتَابِهِ: إِنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ الْإِطْعَامُ أُحِبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ، وَأَظُنُّهُ قَالَ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ إِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ قَبْلَ أَنْ يُطْعِمَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ.
فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23275أَصَابَ غَيْرَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا نَهَارًا عَامِدًا بِطَلَ، كَمَا لَوْ أَكَلَ عَامِدًا، وَيَخْتَلِفُ إِذَا وَطِئَ نَاسِيًا؛ هَلْ يُجْزِئُهُ، أَوْ يَسْتَأْنِفُ حَسْبَ مَا تَقَدَّمَ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا؟