باب في بيع اللبن والبيض بعضه ببعض
اللبن عند في حكم ما يدخر; لأنه يعمل منه ما يدخر: السمن والجبن وما أشبه ذلك، واللبن وما يؤول عنه على وجوه: حليب، ومخيض، ومضروب، وزبد، وسمن، وجبن، وأقط، فبيع الحليب بالحليب، والزبد بالزبد، والسمن بالسمن، والجبن بالجبن، والأقط بالأقط متفاضلا ممنوع قولا واحدا . مالك
واختلف في فأجازه بيع الحليب بالحليب متماثلا: في المدونة ، وحكى عنه مالك أبو الفرج المنع، قال: لما بينهما من الزبد المجهول. فمنعه من وجه الغرر، لا من وجه المماثلة; لأن المماثلة موجودة.
وهذا يصح إذا كانوا يريدونه ليستخرج زبده، وإن كانوا لا يريدونه لذلك جاز.
والأول أصوب، ولو منع ذلك لاختلاف ما يراد منهما لما جاز بيع قمح بقمح، لاختلاف ريعهما، ويجوز بيع الزبد بالزبد والسمن بالسمن متماثلا، وكذلك الجبن بالجبن إلا أن يكون اليابس بالطري.
ولا يجوز الحليب بالزبد ولا بالسمن ولا بالجبن ولا بالأقط، ولا يجوز بيع شيء من هذه بالآخر; لأن الادخار موجود والتفاضل ممنوع، والمماثلة معدومة لا يقدر عليها. [ ص: 3116 ]
ويختلف في لأنهما لا يدخران، فمن منع التفاضل فيهما منع أن يباع شيء منهما بحليب أو زبد أو سمن أو غيره مما تقدم ذكره; لأنه كالرطب باليابس. بيع المخيض بالمخيض، والمضروب بالمضروب متفاضلا;
ومن أجاز التفاضل أجاز بيع أحدهما بأي ذلك أحب من الحليب وغيره، وقال في المدونة: لا بأس بالسمن باللبن الذي قد أخرج زبده . مالك
وهذا لا يصح إلا على القول أن التفاضل بينهما جائز; لأنه كالرطب باليابس.
وأرى أن يجوز التفاضل في المخيض بالمضروب; لأنه مما لا يدخر، ومن منع ذلك حمله على الأصل، وقد تقدم الاختلاف في التين والعنب الشتوي، هل يمنع التفاضل بينهما ويحمل على الغالب من جنسه، أو يجوز; لأنه لا يدخر في نفسه ويفسد.