الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [حكم أخذ ضالة الإبل]

                                                                                                                                                                                        قد تقدم الحديث في ضالة الإبل أنها تترك ولا يعرض لها، واختلف [ ص: 3209 ] السلف في أخذها، فمنعه عمر - رضي الله عنه -، وأجازه عثمان - رضي الله عنه - ، قال ابن شهاب كانت في زمن عمر - رضي الله عنه - مؤبلة لنتاج لا يمسها أحد حتى كان زمن عثمان - رضي الله عنه - فأمر بتعريفها ثم تباع، فإن جاء صاحبها أعطي الثمن.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيها عن مالك، فقال مرة: لا يعرض لها، ومن أخذها عرفها، فإن لم تعترف ردها حيث وجدها . وقال مرة في من وجد بعيرا ضالا: فليأت به الإمام يبيعه ويجعل ثمنه في بيت المال .

                                                                                                                                                                                        قال أشهب في مدونته : يوقف ثمنه حتى يأتي ربه، وإن كان الإمام غير عدل خلي حيث وجد .

                                                                                                                                                                                        فكان الحكم في الزمان الأول الترك لوجود النبوة والصحابة، ثم كذلك في خلافة عمر - رضي الله عنه - لعدل الخليفة وصلاح الناس ، ثم لم تترك في زمان عثمان - رضي الله عنه - لعدل الخليفة وفساد الناس، ثم تغير الأمر ففسد السلطان والناس فرأوا أن تؤخذ، ولا ترفع إليه، وعلى هذا يجري أمرها اليوم; تعرف فإن لم يأت [ ص: 3210 ] صاحبها بيعت، وإن خشي السلطان إن عرفت لم تؤخذ، وإن كان إنما يخشى عند عدم صاحبها إذا صارت ثمنا، أرسلت حيث وجدت ولم تبع، وإن كانت بموضع فيه السباع أخذت وعرفت; لأنه لا مشقة في بلوغها بخلاف الشاة، إلا أن يخاف عليها من سلطان الموضع متى عرفت فتترك فقد يعود صاحبها بقرب قبل أن تهلكها السباع. [ ص: 3211 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية