باب فيمن أوصى بوصية وقال : أخبرت بها فلانا فصدقوه ، أو قال : جعلت له أن يجعلها حيث رأى ، أو قال : من ادعى علي بدين كذا وكذا ، فصدقوه
وقال في كتاب مالك محمد فأخرج فلان وصيته بعد موته وفيها عتق وغيره : فهي جائزة ، وإن كتب نسختين وجعلهما عند رجلين كان أبين ، وقال أيضا : إن أخرجها ولا بينة فيها ، وإنما البينة على قوله ، فإن كان الذي هي بيده عدلا جازت ، قال فيمن قال عند موته : وصيتي عند فلان ، واشهدوا علي بذلك : وكذلك إن كان غير عدل . وهو أحسن; لأن الميت أمر أن يصدق مع علمه بحاله ، ولأنا على يقين أنه مات عن وصية وأمر أن تنفذ ، فإذا لم يقبل قوله إذا كان غير عدل بطلت وصيته ، وإن قال : وصيت بثلثي لرجل وأعلمت به فلانا فصدقوه صدق فلان فيما يقول إنه أوصى له به ، إلا أن يكون لمن يتهم عليه مثل أن يقول : أوصى به لولدي أو ما أشبه ذلك ، فقال مالك : لا يصدق إلا أن يرى لذلك وجه يعرف به صواب قوله . وقال سحنون : يقبل قوله ، وإن قال : يجعله حيث يرى ، فجعله لنفسه أو لابنه لم يجز . قال في كتاب أشهب محمد : ولو أعطى ابنه أو أقاربه كما يعطي الناس حسب [ ص: 3577 ] الاستحقاق جاز ، ولا بأس أن يعطي أقارب الميت كما يعطي الناس ، قال : وإن كان المتولي محتاجا ، فلا يأخذ منه ، قال : فإن فعل وأخذ حسب استحقاقه لم آخذه منه ، وقاله أشهب ، والأول أحسن ، وحماية ذلك أولى وإن جعل إنفاذ ثلثه لرجل يجعله حيث أراه الله -عز وجل- فهلك قبل أن ينفذ ذلك فليأمر القاضي من يرضاه فيضعه حيث يرى . ابن القاسم
وقال فيمن قال : كنت أعامل فلانا وفلانا فما ادعوا علي فصدقوهم ، فليعطوا ما ادعوا بغير يمين ما لم يدعوا ما لا يشبه . ابن القاسم
وقال في العتبية فيمن قال عند موته : ما شهد به على أبي من دين فهو مصدق إنه كالشاهد إن كان عدلا ، وإن لم يكن عدلا أو نكل المشهود له عن اليمين فلا شيء له إلا قدر نصيبه .
وقال في كتاب أصبغ : يصدق وإن لم يكن عدلا ، وقال ابن حبيب فيمن قال : من ادعى علي من دينار إلى عشرين فاقضوه بغير بينة ، فذلك جائز ، فإن ادعى جماعة كل واحد بأقل من عشرين تحاصوا في عشرين فقط . مالك
قال : لأن مخرج قوله على وجه التفرقة من ادعى من ها هنا وها هنا ، وإن ادعى واحد أكثر من عشرين لم يكن له شيء . ابن القاسم
واختلف إذا ادعى واحد عشرين ، فقال : يحاص ، وقال ذلك مالك مرة : يحاص ، وقال أيضا : لا يحاص من ادعى عشرين ، ولا يعجل في [ ص: 3578 ] ذلك وليكتم ولا يفش وتخرج العشرون من رأس المال ، وأما إن قال : من ادعى علي دينا فحلفوه وأعطوه فهذا يكون من الثلث بخلاف الذي وقت العشرين فكأنه أقر بعشرين لا يدري لمن هي ، وإن قال : كل من ادعى علي من دينار إلى عشرين فاقضوه مع يمينه بغير بينة ، فهذا من الثلث بخلاف المسألة الأولى ; لأن ذلك وقت عشرين واحدة لا يدري لمن هي ، وهذا لم يؤقت ، فإن استغرقوا ثلثه بمثل هذه الدعوة أخذوه . [ ص: 3579 ] ابن القاسم