الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن أوصى بعمارة مسجد ، أو بإطعام مساكين أو إطعام رجل بعينه

                                                                                                                                                                                        الوصية بالمجهول على وجهين :

                                                                                                                                                                                        أحدهما : ما لا غاية له كقوله : اسقوا كل يوم راوية ، أو أطعموا خبزة .

                                                                                                                                                                                        والثاني : ما له غاية تنقطع بها فيضرب أجلا ويقول : أعطوا فلانا كل يوم درهما أو خبزة .

                                                                                                                                                                                        فاختلف إذا كانت الوصية للمساكين ، أو لعمارة مسجد ، ولم يضرب أجلا ، فقيل : محمل الموصي على أنه أراد جميع المال ، فيقال للورثة : أجيزوا وصيته ، فإن لم يفعلوا فحينئذ يرجع إلى الثلث . وقيل : محمله على الثلث ، ولا يقال للورثة شيء وهو أبين ، وليس القصد من الميت أن يخرج ولده وأهله من جميع المال .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اجتمع في الوصية مجهولان ، عمارة مسجد وإطعام مساكين ، فقيل : هو بمنزلة من وصى بمجهول واحد وقد جمعهما الثلث ، وقيل : لكل وصية ثلث ، فإن أجازت الورثة خرج ثلثا المال ، وإن لم يجز ردت إلى الثلث .

                                                                                                                                                                                        ويختلف في صفة القسمة ، فعلى القول الأول إن ذلك وصية واحدة بثلث واحد يفض الثلث على قيمة ما يخرج منه كل يوم ، لكل واحد بانفراده ، وعلى القول إنها وصايا ، ولم يجز الورثة يكون الثلث بينهما نصفين ، وإن وصى مع [ ص: 3634 ] ذلك بمعلوم ، عاد الخلاف المتقدم في القدر الذي يحاص به المجهول إن كان مجهولا واحدا هل يحاص بالثلث ، أو بجميع المال ومن جعلها وصايا ضرب لكل مجهول بجميع المال ، أو بالثلث على القول الآخر ، والقول إن بجميعها ثلثا واحدا أحسن ، فإن ضرب أجلا فقال : اسقوا كل يوم راوية وأطعموا كل يوم خبزة سنة أو سنتين ، نظر إلى ما ينفق في تلك السنة من تلك الوصية ، فإن كان أكثر من الثلث قيل للورثة إن لم تجيزوا فاخرجوا من ثلث الميت ، وإن كان ذلك أقل من الثلث وأخذ الورثة بقية الثلث ، ثم غلا السعر ، انتزع منهم تمام الثلث ، وإن كان مع ذلك وصية بمعين ، كان الحصاص بقدر ما ينفق في تلك السنة .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية