الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب [فيمن أوصى بعتق عبد وله مال غائب ولا يحمله ثلث المال الحاضر]

                                                                                                                                                                                        وقال مالك فيمن أوصى بعتق عبد وله مال غائب ولا يحمله ثلث الحاضر ، قال : يوقف العبد حتى يقدم الغائب . قال ابن القاسم : وإن كان الغائب بعيدا ، أو أجله بعيدا ، لم يعتق ثلث الحاضر . وقال سحنون : إلا أن يخاف تلف الحاضر فيكون في الوقف ضرر على الموصي ، والموصى له فما يشتد وجه طلبه ، ويعسر جمع المال ، فالغيبة على ثلاثة أوجه : فإن كانت قريبة ، انتظر جمع المال ، ثم يعتق وإن كان بعيدا كخراسان من مصر والأندلس ، فيعتق الآن ما حمل الثلث ، وإن كان على غير ذلك ، وقف عند ابن القاسم ; لأن الورثة يقولون : نحن شركاء الميت فيما خلفه ، فليس له أن [ ص: 3652 ] ينتفع منه بشيء دوننا ، فيعتق ما حمل ثلث الحاضر ، ويحال بيننا وبين التصرف بالبيع وغيره فيما رق منه ، فإما أن يقال ننتفع جميعا أو نمنع جميعا .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب وسحنون : يعتق ما حمل الثلث الآن ، فإن لم يخلف سواه ، أعتق ثلثه ووقف ما بقي ، وكلما حضر من الغائب شيء ، زيد في عتق العبد بقدر ثلثه ، وهذا أقيس; لأن وقف عتق ثلث العبد مضرة عليه من غير منفعة للورثة . وإذا كان الغائب في مثل خراسان أو الأندلس وأعتق منه ثلثه ، جاز للورثة بيع الثلثين ، ثم يختلف إذا قدم الغائب هل ينقض البيع ليستكمل ما بقي ، أو لا ينقض; لأن البيع كان مع العلم بهذا المال؟

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن مات عن زوجة حامل ، ولا ولد لها ، أو لها ولد هل تعطى الآن شيئا ، أو حتى تضع؟

                                                                                                                                                                                        فقيل : تعطى الثمن ، فإن أسقطته ، أو ولدته ميتا ، أتم لها الربع أو لا [ ص: 3653 ] تعطى الآن شيئا حتى تضع وكذلك إذا كانت حاملا ولها ولد فقيل : لا تعطى شيئا ولا ولدها شيئا حتى تضع ، وقيل تعطى الثمن ، وللولد نصف الباقي ، لإمكان أن يكون ذكرا . وقيل : ثلثه لإمكان أن يكون الحمل غلامين . وقيل : الربع ، لإمكان أن يكونوا ثلاثة ، وقيل : الخمس ، لإمكان أن يكونوا أربعة . وأرى أن تعطى الزوجة الآن الثمن كان لها ولد سوى الحمل أم لا ، وأن يعطى الولد إن كان نصف الباقي; لأن الغالب من الحمل واحد وقد يحتمل أن يكون ذكرا وغيره نادر ، ولا يراعى النادر . [ ص: 3654 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية