الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الرجل يؤاجر عبده أو يخدمه ثم يعتقه

                                                                                                                                                                                        ومن أخدم عبده إلى سنة أو آجره ثم قال : هو حر بعد انقضاء تلك السنة ، كان حرا كما قال ، فالخدمة والإجارة على حالها فإن رضي من له تلك الإجارة أو رضي المخدم بإسقاطها ليرجع على السيد بما دفع إليه عن تلك المدة أو رضي المخدم بإسقاط الخدمة ليرجع على السيد بقيمتها لم يكن ذلك لازم لهما ، وإن رضيا بإسقاط حقها هبة للعبد جاز ذلك وعجل للعبد العتق .

                                                                                                                                                                                        وقد قيل في هذا الأصل : لا يعجل العتق; لأن للسيد حقا في الجنايات إن جني عليه وفي الميراث إن مات قبل انقضاء السنة .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لأن الجناية من النادر ، وإن عجل السيد عتقه من الآن فقال مالك : لا عتق للعبد حتى يتم الإجارة ، وإن مات السيد قبل السنة كان العبد حرا من رأس المال . [ ص: 3866 ]

                                                                                                                                                                                        قال في كتاب محمد : ولا يرده دين استحدثه سيده من يوم أعتق قبل تمام السنة ، وإن وضع المستأجر عن العبد أو الأمة الإجارة كانا حرين مكانهما ، فإن قال : أنا أضع ذلك لأرجع على السيد ، فأبى السيد ، حلف أنه لم يرد بذلك الإبطال عنه ، فإن لم يحلف غرم وجاز العتق .

                                                                                                                                                                                        قال مالك : وإذا لم يرض المستأجر بإسقاط الإجارة وقال السيد : أردت أن يكون حرا ساعة نطقت بذلك وأرد الإجارة ، كانت الإجارة فيما يستقبل للعبد ، وإن قال : أردت عتقه بعد مضي الأجل ، أحلف وكانت الإجارة للسيد .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : وعلى قوله في المكاتبين يعتق السيد أحدهما ويأبى الآخر ، إن الكتابة للسيد لا يكون للعبد شيء . وهو أحسن; لأن السيد لم يرد أن يعطي العبد الإجارة وإنما أراد أن يردها على المستأجر لينال العبد العتق ، وإذا لم يصح ما أراد من تعجيل العتق كانت الإجارة له .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أخدم أمته ثم عجل عتقها ، فقيل : يكون في الخدمة كالإجارة تبقى إلى أجلها إذا لم يرض المخدم بإسقاط حقه فيها . وقال أشهب في كتاب محمد : إذا أخدم نصف عبده ثم أعتق النصف الباقي خرج حرا مكانه وغرم الأقل من قيمة نصفه أو قيمة نصف الخدمة . وإذا ولد [ ص: 3867 ] للعبد المستأجر ولد من أمته أو كانت أمة مستأجرة فولدت ولدا في الإجارة أو الخدمة ، فإن جعل السيد العتق بعد انقضاء الإجارة أو الخدمة بقي الولد على الرق ولم يعتق إلا بانقضاء ذلك الأجل ، وإن عجل العتق ولم يرض بذلك من له الإجارة والخدمة افترقت الإجارة من الخدمة ، فهو في الإجارة عتيق من الآن ولا ينتظر به لأنه لا حق للمستأجر في خدمته الولد ، وكذلك في الخدمة إذا كانت الخدمة السنة والسنتين ، فإن طالت السنون لم يعجل عتق الولد; لأن لمن له الخدمة أن يختدم الولد بخلاف الإجارة . [ ص: 3868 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية