الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في العبد بين الشريكين يدبر أحدهما نصيبه بإذن شريكه أو بغير إذنه ، وهو موسر أو معسر ، أو يدبرانه جميعا أو يدبر أحدهما ويعتق الآخر

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في عبد بين شريكين دبر أحدهما نصيبه أن الشريك بالخيار بين أن يدبر نصيبه أو يقومه على شريكه ويدبر جميعه كالعتق ، وقال أيضا : الشريك بالخيار بين أن يدبر نصيبه أو يتمسك به رقيقا أو يقومه ، فيدبر على الشريك ، ولم يجعل في هذين الوجهين مقاومة ، ورأى أن الولاء قد ثبت والمقاومة تؤدي إلى نقض التدبير فأثبت المقاواة مرة وجعل الشريك بالخيار بين ثلاثة أوجه ، بين أن يدبر نصيبه أو يقومه أو يقاوي شريكه ، وليس له أن يتمسك بنصيبه رقيقا .

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا في باب آخر : هو بالخيار بين أن يدبر أو يتمسك بنصيبه [ ص: 3924 ] أو يقومه أو يقاوي شريكه ، والقول بالمقاواة جنوح لقول من أجاز بيع المدبر في الحياة ، وقياد قوله في منع البيع أن يمنع المقاواة ، ولا أرى أن يجبر الشريك على التدبير ولا على التقويم; لأن الحديث إنما جاء فيمن أعتق عبدا بتلا ، والإجبار على التقويم يؤدي إلى الضرر بالشريك ، فقد تكون الشركة في جارية فيرغب فيها أحد الشريكين فيدبر نصيبه ويجبر الآخر على التقويم إذا كره التدبير ، ويصير جميعها له ويصيبها أو يكون العبد الفاره التاجر فيرغب فيه أحدهما فيدبر نصيبه ويقوم عليه فيصير له يستبد بجميعه ، ويختلف إذا دبر أحدهما بإذن شريكه ، فقال مالك في المدونة : لا بأس بذلك ، ويكون نصف العبد مدبرا ونصفه رقيقا ، وليس له أن يقوم عليه ; لأن عيب التدبير كان بإذن شريكه ، وهذا أحد القولين أن التقويم من حق الشريك ، وعلى القول أن ذلك حق لله سبحانه يجبر على التقويم في العتق .

                                                                                                                                                                                        ويفترق الجواب في صفة التقويم ، فإن كان بغير إذن الشريك قوم هذا نصيبه على أنه لا تدبير فيه ، وإن كان بإذنه قوم على أن نصفه مدبر; لأن دخول ذلك العيب كان بإذن الشريك . [ ص: 3925 ]

                                                                                                                                                                                        ويفترق الجواب أيضا إذا لم يقوم نصيبه وتمسك به أو دبرها ، فإن كان التدبير الأول بغير إذن الشريك تبعه الآخر بعيب التدبير ، وإن كان بإذنه لم يتبعه بشيء .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية