الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب إذا كاتب عبدا ثم أعتق نصفه أو كان مكاتب بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه

                                                                                                                                                                                        عتق السيد بعض مكاتبه على وجهين: وصية بعد الموت، وإبتال في الحياة، فإن كان ذلك وصية، فقال: إن مت فنصفه حر أعتق ذلك النصف من ثلثه، وإن عجز عن الأداء في النصف الباقي كان نصفه عتيقا.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أعتق نصفه في صحته، فقال مالك وابن القاسم: ذلك وضع مال، فإن عجز عن الأداء في النصف الباقي كان جميعه رقيقا، وإن كان شركة بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه في الصحة كان عتقه وضع مال أيضا، فإن عجز عن نصيب الشريك كان جميعه رقيقا بينهما، ولو كان ذلك عتقا لأعتق على السيد ما بقي منه حين أعتقه إذا كان جميعه له، ولو كان بين شريكين لقوم عليه نصيب صاحبه إذا عجز، وإن كان ميراثا فأعتق أحدهما نصيبه ثم عجز كان نصيبه رقيقا، وإن أدى كان ولاؤه على العقد الذي عقد سيده، وإن أعتقت امرأة نصيبها لم يكن لها ولاء ما أعتقت.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في كتاب ابن سحنون: إذا أعتق نصف مكاتبه أنه وضيعة، [ ص: 3998 ] إلا أن يريد العتق أو يعقد له فيكون حرا كله، يريد: يكون حرا الآن، ولو كان شريكا لأعتق الآن عليه جميعه إذا عجز، فيعجل العتق إذا كان له جميعه؛ لأن الولاء لا ينتقل، ويؤخر إذا كان شركة حتى يعجز؛ لأن الولاء ينتقل عن الشريك الذي لم يعتق إلى الذي أعتق، وإلى هذا ذهب ابن القاسم في قوله: لو كان عتيقا لأعتق على السيد ما أعتق منه حين أعتق، وإذا كان شركة بين قوم إذا عجز ففرق بينهما لأجل الولاء؛ لأنه لا يتغير إذا كان جميعه له، وينتقل إذا كان شركة، والقياس أن لا يعجل الاستكمال على السيد ولو كان جميعه له على هذا القول، ويؤخر حتى يعجز؛ لأن فعله ذلك يتضمن وضع مال، إن قدر على الوفاء وعتقا إن عجز، ومضمون العتق أنه إن عجز فإنما يمضي له العتق، وقال محمد فيمن قال لعبده: نصفك حر إن كلمت فلانا، فكاتبه ثم كلم فلانا: فإنه يوضع عنه نصف ما بقي من الكتابة يوم حنث، وإن عجز يرق كله، قال أشهب: كمن أعتق نصف مكاتبه، ولو حنث أحد الشريكين بعد أن كاتباه وضعت حصته، قال: ولو كان عتقا لقوم عليه وأجراه على مثل المسألة الأولى، لما كان في يمينه على بر، فقال: إن [ ص: 3999 ] تكلمت، ولو كان على حنث، فقال: لأفعلن لكان عتيقا.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية