الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الرجل يكاتب بعض عبده أو العبد بين الرجلين يكاتب أحدهما نصيبه أو يكاتبه كل واحد كتابة بانفرادها

                                                                                                                                                                                        وتجوز كتابة العبد بين الشريكين إذا كانت الكتابة واحدة في العدد والنجوم، ويكون اقتضاؤهما واحدا على الشركة، وإن شرطا أن لكل واحد أن يقضي دون صاحبه، فإن الشرط فاسد، وإن كانت الكتابة متساوية في القدر والنجوم والعقد مفترقا كان ذلك فاسدا.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا نزل، فقال ابن القاسم: تفسخ الكتابة، وقال غيره: تمضي الكتابة، يريد: ويسقط الشرط ويكون اقتضاؤهما واحدا، وقد تقدم لابن القاسم في هذا الأصل: إذا شرط أن يصيبها أو استثنى ما في بطنها أن الكتابة جائزة، والشرط باطل مثل ما ذهب إليه غيره في هذه المسألة، وإذا قيل: إن الكتابة فاسدة فإنه يختلف إذا لم ينظر في ذلك حتى أدى نجما أو صدرا من كتابته، فقيل: الحكم في الفسخ قائم، وقيل: ذلك فوت تمضي الكتابة ويسقط الشرط، وإن لم ينظر في ذلك حتى أدى لهما جميعا كان عتيقا قولا واحدا، وهذا إذا كان الفساد لمكان الافتراق في الاقتضاء خاصة أو لاختلاف النجوم: أحدها [ ص: 4003 ] إلى سنة والآخر إلى سنتين، وقد صار إلى كل واحد مثل ما صار إلى صاحبه، وإن كان الفساد لاختلاف الأداء أخذ أحدهما مائة والآخر مائتين، كان الحكم بالفسخ باقيا، إلا أن يرضى العبد أن يتم للآخر مائة، أو يرضى السيد أن يرد الفضل على شريكه، وإن كاتبه أحدهما على مائة دينار والآخر على عروض فسخت قبل الأداء أو بعده إلا أن يرضى السيد أن تكون الدنانير والعروض شركة بينهما، وإذا اختلفت الكتابة فكاتبه أحدهما على مائة والآخر على مائتين، وكلاهما إلى سنة، أو كاتباه على مائة مائة، وأحدهما إلى سنة، والآخر إلى سنتين كانت الكتابة فاسدة تفسخ، وإن أدى نجما أو صدرا من كتابته، فإن رضي من له الفضل من السيدين أن يحط ذلك الفضل أو رضي العبد أن يلحق الأدنى بالأعلى، ورضي السيد أن يكون الاقتضاء واحدا مضت الكتابة، فإن لم يرضيا باجتماعهما على الاقتضاء عاد الجواب إلى ما تقدم، فعلى أحد الأقوال تكون ماضية، ويكون اقتضاؤها واحدا، وعلى القول الآخر تفسخ ما لم يؤد نجما أو صدرا منها على القول الآخر. [ ص: 4004 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية