الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الأب والابن يصيب أحدهما أمة الآخر أو أم ولده أو مدبرته أو مكاتبته وغير ذلك

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في الأب يصيب أمة ابنه: إنها تقوم عليه وإن لم تحمل، ولا خيار في ذلك للابن، وفرق بينه وبين الأمة تكون شركة بين رجلين يصيبها أحدهما أن الذي لم يصب بالخيار بين أن يتمسك أو يقوم عليه. وقيل في الشريكين أيضا: إن للمتعدى عليه نصف القيمة من غير خيار كالأب. وفي الكتاب: له نصف ما نقصها، وليس له أن يقوم.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله: وأما من أوجب القيمة من غير خيار فإنه رأى أن في ذلك حقا لله تعالى؛ لأن الأب تسرع يده إلى ملك ولده، وكذلك الشريك تسرع يده إلى ما له فيه شرك، وإن لم يلزم القيمة أدى ذلك إلى أن يتكرر منهما مثل ذلك، وفي إلزام القيمة حماية لهذا الباب.

                                                                                                                                                                                        ولمالك في كتاب ابن حبيب فيمن باع جارية فأصابها المشتري، ثم ظهر على [ ص: 4048 ] عيب، أنه يرجع بقيمته، ولا خيار له في ردها، فإذا منع الرد بالعيب حماية كان في هذين أبين، ورأى مرة أن حماية ذلك في الأب أولى؛ لأن الشريك قد لا يسامح شريكه، والمساواة أحسن، وإذا سقط أن يكون الحكم الجبر، وأن ذلك حق للمتعدى عليه، فأما الابن فإن له أن يلزم الأب القيمة؛ لأنه لو رفع العداء وعادت إليه لبعتها عليه، خوف أن يقع بها إذا كان غير مأمون أو ينظر إلى شعرها أو غير ذلك إذا كان مأمونا، وهي من العلي، فكان من حجته أن يقول للأب: فعلت فعلا يوجب لها خروجها من ملكي، وأما الشريك فإن لم ينظر في ذلك حتى حاضت لم يكن له إلا قيمة العيب، ولو قام عليه قبل أن تحيض كان له أن يلزمه جميع القيمة إن كانت من الوخش؛ لأن الإصابة تمنع بيعها بالتعدي، ولو كانت من العلي لم يكن ذلك؛ لأن الذي أصاب يقول: أنا أدعوها إلى البيع، وهي لا تباع إلا على المواضعة، فلم أمنعها تعجيل النقد، فإن سلمت أخذت، وكان علي قيمة النقص، وليس يكون ذلك النقص أكثر من الثمن.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية