الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في وطء أحد الشريكين جارية من الشركة وإذا اشترى من المال جارية لنفسه

                                                                                                                                                                                        ولا يجوز لأحد الشريكين أن يطأ جارية من الشركة، ولا أن يشتري جارية من المال ليطأها، أذن الشريك له في ذلك أم لم يأذن، فإن فعل ووطئ جارية من الشركة بغير إذن شريكه، كان الذي لم يطأ بالخيار بين أن يضمنه قيمتها أو يقاويه فيها.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يردها في الشركة؟ وإن اشتراها لنفسه فأدرك قبل أن يمسها، كان بالخيار بين أن يمضيها له بالثمن الذي اشتراها به، أو يردها في الشركة. وإن لم يعلم حتى أصابها، كان بالخيار بين أن يمضيها له بالثمن، أو يضمنها له بالقيمة، أو يقاويه فيها.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يردها في الشركة؟ فمنع ذلك ابن القاسم في "المدونة" وأجازه غيره. وأرى إن كان فعل الشريك ذلك جهلا يظن أن ذلك يجوز له [ ص: 4842 ] لمكان الشركة ولو علم بتحريم ذلك لم يفعل، جاز بقاؤها تحت أيديهما، فإن أتى ذلك عالما، لم يجز بقاؤها تحت أيديهما وحازها عنه الشريك الآخر إذا كان مأمونا وله أهل، وإلا جعلت على يد عدل حتى تباع.

                                                                                                                                                                                        وقد قال ابن القاسم في "كتاب المدنيين" فيمن وطئ أخته من الرضاعة بملك اليمين: أنها تباع عليه إذا كان عالما، وإن كان جاهلا يظن أن ذلك يجوز له ولا يتهم في حاله إلى العودة لمثل ذلك، لم تبع عليه.

                                                                                                                                                                                        وأجاز في كتاب محمد الاستبراء فيمن جمع بين أختين في الوطء بملك اليمين، ثم عادت إليه إحداهما بعد البيع قبل أن يطأ الباقية عنده، أن يجتمعا في ملكه.

                                                                                                                                                                                        ومحمل هذا على أن فعله الأول كان على وجه الجهل. وكذلك الذي يصيب زوجته بعد الإحرام وهو عالم بتحريم ذلك، فرق بينهما عند الإحرام الثاني، وإن كان جاهلا ولو علم بتحريم ذلك لم يصب، لم يفرق بينهما.

                                                                                                                                                                                        ولو اشترى أحد الشريكين جارية للتجارة وليصيبها وكان اشتراء مثلها للتجارة حسن نظر وعلم بذلك قبل أن يصيبها -لم يضمن الثمن الذي [ ص: 4843 ] اشتريت به وكانت شركة بينهما، وإذا كانت إصابة أحد الشريكين بإذن شريكه، لزمته القيمة، حملت أو لم تحمل; لأنه تحليل.

                                                                                                                                                                                        وإن اشتراها بإذن شريكه، ردت إلى الشركة وحيل بين مشتريها وبين إصابتها ولم يلزمه غرم ما اشتراها به; لأن مقتضى الإذن أن تكون على ملكهما، وإن بيعت بربح أو خسارة، كان ذلك لهما وعليهما، وإن لم يعلم حتى وطئ، كانت عليه بالقيمة من غير خيار لواحد منهما، وعلى هذا يجري الجواب إذا فعلا ذلك جميعا، فإن كان فعله بغير علم من شريكه، خوطب كل واحد منهما بمثل ما تقدم إذا كان الفعل من واحد، وإن كان بعلم صاحبه وبإذنه بمثل ما تقدم إذا كان الإذن من واحد والفعل من الآخر وحده.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية