باب فيمن اكترى دارا ولم يسم عياله ولا ما يعمل فيها
قال: ويستحب لمن اكترى دارا أن يسمي عياله وما يعمل فيها; لأنه أسلم للغرر، فإن لم يفعل جاز. وله أن يسكن بما أحب من العيال ما لم يتفاحش ذلك، ويرى أن ذلك يؤدي إلى تغير الدار وتلويثها فيمنع من ذلك، فإن قدر على أن يحط من ذلك ما يضر، وإلا أكراها ولم يفسخ الكراء.
وإن ذكر عدد عياله ثم أحب أن يتزيد من الملك أو ممن يسكن معه لم يمنع ما لم يأت ضررا. ويختلف فتزوج أو اشترى رقيقا، فقال إذا اشترط عليه صاحب الدار ألا يسكن معه آخر ذلك له، إلا أن يكون في ذلك ضرر فيمنع. ابن القاسم:
وقد اختلف في هذا الأصل فيمن اشترط شرطا ليس بفاسد ولا ينتفع به مشترطه هل يوفي به؟ والقياس في هذه المسألة أن يوفي له بشرطه; لأن الشرط ها هنا حماية لما يخاف أن يدخل من الضرر، فأشبه من استأجر أجيرا ليرعى له مائة شاة وشرط عليه ألا يرعى معها غيرها، وهو لو رعى معها خمسين لم يكن في ذلك ضرر بالمائة، فقال ابن القاسم: يوفي له بشرطه. فألزم الشرط وإن كان لا يضر; لأن لصاحب الغنم أن يزيد على نفسه في الإجارة، ويفعل ذلك حماية؛ لئلا تؤدي الزيادة إلى مضرته. [ ص: 5060 ]
وكذلك رب الدار يحط من الأجرة لمكان الشرط حماية؛ لئلا تؤدي الزيادة إلى مضرة، وهو أحسن لوجهين:
أحدهما: أن معلوما أن المسكن الذي يسكنه الواحد أنظف وأسلم منه إذا سكنه أكثر من ذلك، مثل: الزوجة، والولد، والعيال.
والوجه الثاني: أن الشرط في هذا ليس لغير معنى، وأن القصد حماية كما تقدم؛ لئلا يؤدي ذلك إلى الضرر، فإن فعل قوم كراءها على ألا يسكن معه أحد، وعلى من أسكن معه فيكون له المسمى وفضل ما بين الكراءين.