باب في من أكرى بمعين من الثياب أو الطعام أو العين، وكيف إن اشترط حبس ذلك المعين الأيام القريبة أو البعيدة؟
ومن فإن كان العبد أو الدابة مضمونين لزم نقد الثوب أو الطعام بمجرد العقد. وإن كان العبد أو الدابة معينين وكانت العادة النقد- انتقد الكرى الثوب أو الطعام بمجرد العقد. وإن كانت العادة التأخير في الكراء أو لم تكن لهم عادة في النقد لم يجز نقدها وكان فاسدا. أكرى عبدا أو دابة بثوب أو طعام بعينه أو دنانير بعينها،
وقال الكراء جائز وهو على تعجيل القبض حتى يشترط التأخير، ولا يلتفت إلى سنة البلد في تأخير الكراء، وكذلك قال لي من أرضى من أصحاب ابن حبيب: [ ص: 5138 ] مالك.
يريد: أن العادة في العين التأخير، ولو كانت تلك العادة إذا كان الكراء بمعين -ثوب أو ما أشبهه- كان فاسدا.
ومن باع سلعة بثمن إلى أجل كان محملهما على أنهما تبايعا على الوجه الجائز، وينقد الحاضرة حتى يشترط أن لا ينتقد إلا بعد حلول الأجل وقبض الثمن.
وإن حملا على الجواز، وأن لا ينقد الحاضرة حتى تقبض الغائبة، حتى يشترط نقد الحاضرة فيفسد، وكذلك الكراء بالثوب يحملان على الجواز وعلى نقده حتى يشترطا أن لا ينقده فيفسد. باع سلعة حاضرة بغائبة بعيدة الغيبة
وإن كانت الإجارة بما لا يصلح تأخيره كالرطب والمقثاة واللحم حملا على الجواز وعلى النقد; لأن مثل هذا لا يقصد تأخير قبضه.
وقال فيمن اكترى راحلة بعينها بدنانير بأعيانها: فإن كان الكراء عندهم بالنقد جاز، وإن كان بغير النقد لم يجز، إلا أن يشترط إن [ ص: 5139 ] ضاعت أخلفها، أو توضع على يد غيره ويجعلها رهنا. ابن القاسم
وقال غيره: ذلك جائز وإن تلفت كان عليه خلفها، فاتفقا على أنها تتعين، وإنما اختلفا هل الحكم الخلف من غير شرط أو حتى يشترط؟
وعلى القول: إنها لا تتعين لا يمنع صاحبها من التصرف فيها، وعلى قول تتعين، ويجوز النقد، ويجبر على أن يعجلها إلا أن يشترط وقفها، وإذا وقفت على ما في "المدونة" كان للمكري كلما مضى يوم أن ينتقد منها بقدره، إلا أن يشترط أن لا ينتقد منها شيئا حتى يبلغ غاية سفره، ويكون فاسدا بخلاف الأول; لأن الأول يشترط ذلك لمنفعة إما لخلف أو لأنه يخشى أن يلد عليه كلما مضى يوم أو ليلة؛ لئلا يجد شيئا فاسدا، أو يشترط المكتري ألا يعجلها لئلا تهلك في الطريق فيكون ماله بيده. ابن حبيب
قال [ ص: 5140 ] وإن اكترى بطعام بعينه وشرط إن ضاع أخلفه لم يجز، بخلاف الدنانير: وهذا على القول إنه مما تختلف فيه الأغراض، وأرى أن يجوز بعد تسليم هذا القول; لأن الاختلاف في هذا يسير؛ ولهذا قضى فيه بالمثل بخلاف العروض. ابن القاسم: