الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في القراض على جزء غير معلوم، وهل يجوز أن يجتمع في القراض جزء غيره وإذا أخذه على جزء ثم انتقل إلى غيره القراض؟

                                                                                                                                                                                        القراض يجوز على جزء معلوم، نصف أو ثلث أو ربع أو أقل من ذلك أو أكثر. وإن قال: خذه قراضا، ولم يزد على ذلك، أو على أن لك جزءا من الربح ولم يسمياه كان فاسدا.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قال: على أن لك شريكا فيه، فقال ابن القاسم: القراض فاسد. وقال غيره: جائز وله النصف. والأول أحسن; لأن الشرك يطلق على من له النصف أو أقل أو أكثر.

                                                                                                                                                                                        ولو كان قراضا بأيدي ثلاثة رجال: أحدهم على النصف، والآخر على الربع، والآخر على الخمس لقيل في كل واحد بانفراده: له في الربح شرك، إلا أن تكون لقوم عادة أنهم يريدون بذلك النصف.

                                                                                                                                                                                        وإن قال: لك من الربح [ ص: 5238 ] دينار، لم يجز فقد يكون الربح دينارا ولا يكون له غيره، وإن قال: لك دينار من جميع المال إن سلم وعاد إليه وإلا فلا شيء لك كان خفيفا بمنزلة من باع ثوبا على وجه الجعالة بشيء معلوم، فإن ضاع الثوب قبل البيع أو الثمن قبل وصوله إلى يد صاحبه لم يكن له شيء، وإن قال: لك دينار من عشرة من الربح جاز; لأن ذلك يرجع إلى الجزء، وإنما له عشر الربح.

                                                                                                                                                                                        وإن قال: والباقي بيننا نصفين جاز أيضا، فيكون الربح بينهما على أربعة ونصف، وخمسة ونصف. وإن قال: لك دينار، ولم يقل: من عشرة والباقي بيننا نصفين لم يجز; لأنه إن كان الربح دينارا استبد به مشترطه دون الآخر وهذا غرر.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيما يكون للعامل فقيل: أجر مثله. وقيل: قراض المثل والشرط في التبدئة باطل. وقيل: إن كان الزائد لرب المال كان للعامل الأقل من المسمى أو قراض المثل، وإن كان للعامل كان له الأكثر ويجوز أن يجعل جميع الربح للعامل.

                                                                                                                                                                                        ويفترق الحكم في ضمان المال فإن قال: آخذه قراضا ولك جميع الربح كان الضمان من دافعه. وإن قال: اعمل به ولك ربحه ولم يسمه قراضا كان الضمان من العامل، إلا أن يقول: ولا ضمان عليك، ويكون الضمان من دافعه، ولفظ القراض يغني عن شرط سقوط الضمان.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: هو ضامن، وهو سلف عليه كالحبس، وهو ضامن وله [ ص: 5239 ] نماؤه. والأول أصوب؛ لأن كل ذلك معروف، أعطاه الربح وأسقط عنه الخسارة، وهذا بخلاف ما خرج على وجه المبايعة والمكايسة كالرهن والضياع.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية