الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [هل يشترط تفسير الجرح وبيان أسبابه]

                                                                                                                                                                                        اختلف في قبول الجرح جملة، من غير ذكر الوجوه التي يقع بها الجرح، على أربعة أقوال: فقيل: يقبل. وقيل: لا يقبل. قال مطرف وابن الماجشون: إذا كانا ممن يعرف وجوه التجريح لم يكشفا عن غير ذلك، كان المجرح ممن هو ظاهر العدالة، أو ممن حاز بالتعديل. وقال أشهب -في المجموعة-: إذا كان الشاهد مشهورا بالعدالة، لم يقبل ذلك حتى يبينوا جرحته ما هي؟ وإن لم يكن مشهورا بالعدالة، وإنما قبل بمن عدله قبل ذلك. وقال ابن كنانة: إذا [ ص: 5383 ] كان المجرحان مشهورين بالعدالة لم يسألا، وإن كانا غير مبرزين فليسألا.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: إن فهم عنهما الوجه الذي جرحا به، وإنه مما لا يختلف فيه أنها جرحة اجتزئ بذلك. قال ابن شعبان: إذا قال إن ذكرت ذلك خفت أن أؤخذ به، قبل ذلك، أو أنه ساقط الحال مرة قبل. قال سحنون: إذا قال: هو رجل سوء غير مقبول الشهادة، هي جرحة ولا يكشفوا عن أكثر من ذلك.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: وإن لم يقم أمر بين، كان عليهما أن يذكرا تلك الجرحة، لوجوه:

                                                                                                                                                                                        أحدها: أن كثيرا من الجرح يختلف فيه، فذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك جرحة، وبعضهم إلى أنه ليس بجرحة.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أن يكون عند الشاهد من ذلك مخرج، فقد يسمع منه كلمة أو يرى فعلا له فيه تأويل، لا تسقط شهادته معه. [ ص: 5384 ]

                                                                                                                                                                                        والثالث: أن في ذلك حقا للشاهد؛ لانتهاك عرضه، وللمشهود له في إسقاط حقه، فكان من حقهما الإعذار إليهما فيما يسقط حرمة هذا وحق هذا، وبيان كل وجه يمكن أن يكون لهما فيه منفعة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية