باب في وما يقرأ فيه الوتر وهل هو واجب؟
الوتر سنة، واختلف في وجوبه، وعدده، وهل يفتقر إلى نية؟ وهل يختص بقراءة؟ وفي آخر وقته.
فقال يجرح تاركه. وقال سحنون: يؤدب من تركه. فجعلاه واجبا. أصبغ:
وقال أبو جعفر الأبهري ليس بواجب. وهو أبين; للحديث وأبو محمد عبد الوهاب: فيه دليل أن الوتر ليس بواجب من خمسة مواضع: "أن أعرابيا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة، فقال: خمس صلوات في اليوم والليلة. قال: هل علي غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع...، فقال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أفلح إن صدق".
أحدها: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "خمس صلوات" ولو كان واجبا لقال: ست صلوات.
والثاني: قوله عند قول الأعرابي: هل علي غيرهن؟ قال: "لا".
والثالث: قوله: "إلا أن تطوع". فجعل ما بعد الخمس تطوعا، إن شاء فعل.
والرابع: قول الأعرابي: لا أزيد.
والخامس: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أفلح إن صدق" فسلم له قوله: "لا أزيد".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: أي: توتر له تلك الصلاة التي هي مثنى مثنى، وصلاة الليل ليست بواجبة، فكذلك ما يوترها. "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة [ ص: 486 ] توتر له ما قد صلى".
وسئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن الوتر: "أواجب هو؟ فقال: أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأوتر المسلمون".
واختلف في عدده، فقال مالك: الوتر واحدة. وقال في كتاب الصيام: يوتر بثلاث. وهو خلاف قوله الأول.
وقال في المسافر: لا يوتر بواحدة. وروى عنه علي بن زياد أنه يوتر بواحدة.
وقال فيمن أوتر بواحدة: يشفعها بأخرى إن كان بالحضرة، وإن تباعد أجزأه. سحنون
وقال فيمن ذكر سجدة لا يدري من الشفع أو من الوتر: إنه يسجد سجدة ثم يعيد الشفع والوتر. فجعل الوتر ثلاثا، فإن أوتر بواحدة لم تجزئه; لأنه إن كانت السجدة من الوتر فقد أصلحه، وإن كانت من الشفع بطل، وسلم الوتر. ابن المواز
واختلف بعد القول إنه ثلاث، هل من شرطه أن يؤتى بهما معا؟ فقال في المجموعة فيمن تنفل بعد العشاء ثم انصرف: فلا ينبغي أن يوتر بواحدة ليس قبلها شيء. وروى عنه ابن نافع أنه قال: لا بأس بذلك. [ ص: 487 ] مالك
وقال في العتبية فيمن صلى مع الإمام أشفاعا ثم انصرف ثم رجع فوجده في الوتر فدخل معه، قال: لا يعتد به، وأحب إلي أن يشفعها بركعة ثم يوتر. قيل له: فإن فعل؟ قال: إن فعل فالوتر ليس بواحدة. وفي رواية أخرى: فالوتر ليست بواجبة. ابن القاسم
واختلف هل يفتقر إلى نية؟ فقال في كتاب مالك محمد فيمن قال: ليس ذلك له في الأمرين جميعا. أحرم بشفع ثم بدا له أن يجعله وترا، أو أحرم لوتر ثم أراد أن يجعله شفعا،
وقال إن فعل أجزأه. وقال أصبغ: محمد: لا يجزئه إذا أحرم بشفع ثم جعله وترا، ولعله يجزئه إذا أحرم بوتر فشفعه، فجعله شفعا، فجعله أصبغ جائزا وإن لم ينوه في حال الإحرام. وهذا ظاهر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "... وظاهر هذا أنه إذا خشي الصبح وهو في الشفع انصرف من ركعة. إذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد صلى".
واختلف في فقال إعادة الوتر إذا صلى بعده شفعا، لا يعيده. وقال في المبسوط فيمن أوتر ثم ظن أنه لم يصل إلا ركعتين فأوتر بركعة ثم تذكر بعد أن فرغ أنه كان أوتر قال: يضيف إليها أخرى ثم يستأنف الوتر. مالك:
واختلف فيمن فقال زاد في الوتر ركعة ساهيا، يجزئه ويسجد لسهوه. [ ص: 488 ] مالك:
وقال في المبسوط: يستأنف وتره؛ وهذا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: فإن شفع وتره بركعة أو صلى بعده شفعا - أعاده. "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا".
وأما القراءة فيه فقد اختلفت فيها الأحاديث، فروي سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية بـ قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة بـ قل هو الله أحد . عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرأ في الأولى بـ
وروي عنه: قل هو الله أحد والمعوذتين. وبهذا أخذ أنه كان يقرأ في الآخرة بـ في الآخرة. وروي عنه في مختصر ما ليس في المختصر أنه كان يقرأ في الأولى والثانية بمثل ما جاء في الحديث الأول. مالك
وقال في المجموعة: إن الناس ليلتزمون في الوتر قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين وما ذلك بلازم، وإني لأفعله، وأما الشفع فما عندي فيه شيء تستحب القراءة به فيه. وهو أبين; للحديث: ".. ففيه دليل أن فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة.." الشفع لا يفتقر إلى نية ولا لقراءة.