الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرهن يوقف على يد عدل]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في الرهن يوقف على يد عدل: فإن تعدى العدل بدفعه إلى الراهن فضاع ضمنه للمرتهن، فإن دفعه للمرتهن ضمنه للراهن، وإن كان كفافا بالدين سقط عن المرتهن، وإن كان في الرهن فضل غرمه العدل ؛ لأن الراهن لم يرض أن يكون رهنه عند المرتهن، وهذا إذا سلمه المرتهن بعد الأجل أو قبله ولم يعلم بذلك حتى حل الأجل، فأما إن علم بذلك قبل الأجل، كان له أن يغرم قيمة أيهما شاء؛ لأنهما متعديان عليه، هذا متعد في دفعه، وهذا متعد في أخذه، وتوقف القيمة على يد عدل غير الأول خيفة أن يتعدى عليه ثانية، وللراهن أن يأتي برهن مكان الأول ليأخذ القيمة، وإن ابتدأ بالعدل لم يكن للعدل أن يرجع على المرتهن بشيء ؛ لأنه سلطه عليه، وهذا إذا قامت على ضياعه بينة.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا لم تكن بينة هل للعدل أن يغرم قيمته للمرتهن إلا أن يكون قصاصا؛ لأن العدل يغرم بالتعدي حقيقة والمرتهن يغرم له من باب التهمة ويمكن أن يكون صدق، ولا خلاف في المرتهن إذا غرم بالتعدي أنه تؤخذ منه [ ص: 5700 ] القيمة الآن قبل الأجل.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا غرم بالتهمة هل تؤخذ منه القيمة، أو يكون قصاصا بالدين؟ فإن أسلمه العدل إلى الراهن، كان للمرتهن أن ينتزعه ويكون على يد عدل.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم ينزعه حتى فلس الراهن، فقال ابن القاسم في العتبية: هو أحق به ، وقال محمد: يكون أسوة ، ثم لا يخلو الرهن من أن يكون قائم العين، أو غير موجود وقد صان الراهن به ماله أو لم يصنه، فإن كان موجودا وقيمته عشرة وفي يده خمسة وعليه عشرون، للمرتهن عشرة ولآخر عشرة، اقتسما جميع ذلك، فيأخذ المرتهن سبعة ونصفا ويرجع على العدل بتمام دينه، وإن كانت قيمة الرهن خمسة وفي يده عشرة، أخذ نصف جميع ذلك سبعة ونصفا، يرجع على العدل بخمسة أسداس دينار؛ لأنه لو لم يسلم الرهن لأخذ المرتهن خمسة وهي قيمة الرهن وتبقى له خمسة وللآخر عشرة وفي يد الغريم عشرة فيقتسمانها أثلاثا، فينوب المرتهن منها ثلاثا وثلثا وفي يده من الرهن خمسة فجميع ذلك ثمانية وثلث، وقد صار له بالمحاصة سبعة ونصف، فالذي أضر به تسليم الرهن خمسة أسداس دينار.

                                                                                                                                                                                        وإن هلك الرهن ووجد بيد الغريم عشرة، كان له نصفها بالمحاصة ثم يرجع على العدل بثلاثة وثلث، وإن صان به الراهن ماله كان طعاما فأكله، أو ثوبا فلبسه أو باعه فاشترى بقيمته ما أكله؟ رجع على العدل بدينارين إلا [ ص: 5701 ] ثلث؛ لأنه لو لم يسلم لأنفق الغريم من العشرة التي وجدت في يديه خمسة ولم يجد المرتهن إلا خمسة. . . . يريد بأنها ثلث ديناران إلا ثلث وخمسة من الرهن، فجميع ما كان يصير إليه بالمحاصة سبعة إلا ثلثا بالذي أضر به وتسليم الرهن ديناران إلا ثلث

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية