باب في الاستحقاق بعد الصلح
اختلف إذا كان الصلح على الإنكار، كالذي فقال يدعي دارا فيصالح على عبد ثم يستحق أحدهما الدار أو العبد، أيهما استحق انتقض الصلح، فإن استحقت الدار رجع في العبد، وإن استحق العبد رجع في دعواه في الدار . ابن القاسم:
وقال إن استحقت الدار لم يرجع في العبد؛ لأنه إنما دفع بما كان دفع من خصومة وإن استحق العبد رجع بقيمته . سحنون:
وفي المجموعة: إن استحقت الدار بقرب ذلك رجع في العبد، وإن تطاول الأمر مما تهلك فيه البينات لم يرجع بشيء؛ لأنه يقول: قد كانت لي بينة فمنعتني بما أعطيتني القيام فلما هلكت بينتي قمت علي فليس ذلك لك .
وقال فيمن ابن القاسم [ ص: 5864 ] أن الشقص يستشفع بقيمة السدس، فعلى هذا يرجع عند الاستحقاق في الدعوى كالبياعات . ادعى سدس دار فصالحه بعد الإنكار على شقص
وعلى قول يستشفع في الشقص بقيمته لا بقيمة السدس. سحنون
وقال لا يستشفع بشيء، وقول أصبغ: إذا استحقت الدار أنه يرجع في العبد أحسن؛ لأن المستحق من يديه يقول للمدعي: إن كنت محقا فهو شراء مني فعليك أن ترد العوض، وإن كنت مبطلا وتقول الآن: إنها داري لم يحل لك أن تتمسك بما تقر أنك أخذته بالباطل ولا وجه للقول أنه دفع خصومة؛ لأن المستحق من يده، يقول: أنت مقر أنك بائع مني وأنك أخذت ذلك على وجه المعاوضة فيكون له الرجوع وإن طال الأمر؛ لأنه يقول: إن كنت محقا فلا أكلفك أن تثبت ملكك وقد اشتريت منك. ابن القاسم:
وقول إذا استحق العبد أحسن؛ لأن الصلح يكون في الغالب ببعض قيمة المدعى فيه فلم يجب أن يرجع بقيمة الدار ولا في الدعوى وهو بمنزلة الصداق والخلع والصلح عن الدم العمد؛ لأن ذلك لا يقصد فيه أن يستوفي قيمة الدار . سحنون:
وإن استحق نصف العبد كان للمدعي على أصل أن يرد الباقي ويرجع في طلبه أو يمسك ورجع في المطالبة بنصف الدار ثم ينقلب الخيار للمدعى عليه، فإن أحب أمضى الصلح في نصف الدار ويقول للمدعي: [ ص: 5865 ] ابن القاسم
إن شئت تمسكت بنصف العبد على أن لا شيء لك أو ترده وترجع في الخصومة؛ لأني إنما قصدت بالصلح رفع الخصومة وإذا كنت تعود إلى أن تخاصمني كان علي في ذلك ضرر.
وعلى قول له أن يرجع بنصف قيمة العبد أو يرد الباقي لعيب الشركة ويرجع بجميع قيمته، وهو أقيس. سحنون: