باب إذا اشترك في السرقة اثنان أحدهما ممن لا قطع عليه
وإذا فإن المسألة على ثلاثة أوجه: فتارة يسقط القطع عن الآخر لسقوطه عن من معه. اشترك في السرقة اثنان أحدهما ممن لا قطع عليه إذا انفرد بالسرقة،
والثاني: يختلف فيه هل يسقط عنه القطع؟
والثالث: لا يسقط، وإن سقط عن الآخر.
فإن كانت سرقته مع أحد الأبوين لم يقطع الأبوان، ولم يقطع الأجنبي; لأنه دخل بإذن من له في المال شبهة، وإن كانت سرقته مع الابن سرق من والده أو مع أحد الأجداد إذا أدخله، كان قطع الأجنبي مبنيا على قطع من أدخله، فمن أسقط القطع عمن أدخله أسقطه عنه، ومن لم يسقطه عن الإذن لم يسقطه عنه، وعلى مثل هذا يجري الجواب إذا سرق مع الزوجة أو مع الضيف، فإنه يختلف هل يقطعان جميعا، الزوجة والضيف ومن سرق معهما، أو لا قطع.
وإن سرق مع عبد السيد من موضع أذن للعبد في دخوله، لم يقطع الأجنبي، وإن كان من موضع لم يؤذن له فيه قطع.
قال محمد: يريد; لأن دراءة الحد عن العبد لم تكن لشبهة له في المال، وإنما [ ص: 6088 ] درئ لأن القطع ذب عن الأموال، فإذا قطع عبده كانت مصيبته زيادة عليه في مصيبته في ماله، وإن سرق مع أجير صاحب الدار من موضع أذن له فيه، لم يقطع، وإن كان من موضع لم يؤذن له فيه قطعا، وإن كان صبي وبالغ ومجنون وصحيح، قطع البالغ والصحيح ; لأن دراءة القطع عن الصبي والمجنون لم تكن لشبهة في المال، ولا لأن إذنه إذن، وإنما كانت لأنه غير مخاطب بالشرع، فكان حكم الآخر حكم من سرق بانفراده، أو خرج بسرقة وحده، أو أمر الصبي أو المجنون بحملها، أو خرجا بها جميعا وقيمتها ثلاثة دراهم; لأن الصبي والمجنون متصرف ولو خرج كل واحد بسرقة ولم يأمره الآخر لم يقطع البالغ الصحيح إلا أن يكون في قيمة ما خرج به وحده ثلاثة دراهم، وإذا كان عبد المسروق منه وأجنبي فيخرج كل واحد بسرقة، فإنه لا يقطع الأجنبي إلا أن يكون فيما خرج به ربع دينار، وكذلك إذا حملاها بينهما فلا يقطع إلا أن تكون قيمتها نصف دينار.