باب ذكر ما لا قطع فيه من المسروقات
المسروقات ثلاثة أصناف:
أحدها: ما يجوز ملكه وبيعه، وهذا يجب القطع فيه .
والثاني: ما لا يجوز ملكه ولا بيعه كالميتة والدم ولحم الخنزير والخمر ، فهذا لا قطع فيه إلا الحر فإنه لا يجوز ملكه، واختلف في القطع فيه.
والثالث: ما يجوز ملكه دون بيعه، واختلف في قطع سارقه، فقال لا يقطع. وقال ابن القاسم: يقطع. أشهب:
وأما الحر فقال يقطع سارقه إذا سرق من حرزه . وقال مالك: لا يقطع لأنه ليس بمال. عبد الملك بن الماجشون:
وأرى ألا يقطع; لأن الدار لا تقصد أن تكون حرزا للحر، وإنما هي حرز للأموال إلا أن يكون بلد تخشى فيه سرقة أطفالهم ويقصد بكونه في الدار حفظه من ذلك فيقطع; لأنه إذا كان القطع ذبا عن الأموال كان الذب عن الأحرار أولى، وإن سرق شيئا مما عليه أو قرطا من أذنه، فإن كان الصبي كبيرا [ ص: 6097 ] يحرز ما عليه أو كان صغيرا ومعه من يحفظه أو كان في دار أهله أو أبويه قطع، وإن كان صغيرا لا يحفظ ما عليه ولا حافظ معه وهو خارج عن دار أبويه أو في دارهما وكان سارقه ممن أذن له في الدخول لم يقطع .
وقال في كتاب ابن القاسم محمد: وإن أخذ ذلك على وجه الخديعة بمعرفة الصبي أو كابره، كان فيه الأدب. يريد، إذا كان كبيرا قال: وأما الصغير فعلمه وغير علمه واحد، فلم يقطعه في الخديعة; لأنه أخذه بإذن ولا إذا كابره; لأنه غصب وليس مكابرة الصبي كالحرابة.
ومن المدونة قال مالك: فإن دبغ وكانت قيمة صنعته ربع دينار قطع. وأجاز في المختصر بيعه بعد الدباغ، وعلى هذا القول يقطع في جملته إلا أن يترجح في القطع للاختلاف. لا قطع في جلد الميتة قبل أن يدبغ
وقال في كتاب أشهب محمد: لا قطع فيه إذا لم يدبغ فإن دبغ قطع . ولم يبين كيف يقوم على أنه يجوز بيعه أو على أنه يجوز ملكه دون البيع; لأن يوجب القطع فيما كان يجوز ملكه دون بيعه. [ ص: 6098 ] أشهب
وقال في ابن القاسم ; لأن جلود السباع إذا ذكيت: قطع سارقها أجاز بيعها. مالكا
وقال بيع جلود السباع العادية والصلاة عليها حرام . وعلى هذا لا يقطع سارقها، وقد تقدم ذكر ذلك في كتاب الذبائح . ابن حبيب:
فقال ولا يقطع في الكلب غير المأذون في اتخاذه، واختلف في المأذون فيه، في المدونة: لا يقطع . وقال مالك في كتاب أشهب محمد: يقطع، قال: وكذلك إن سرق سبعا . وقوله في السبع ضعيف للحديث في تحريمها، وليس كذلك ما أذن له في اتخاذه من الكلاب; لأن النهي عن ثمنه على وجه الندب لمكارم الأخلاق ألا يؤخذ في مثل ذلك ثمن، وكذلك نهيه في كتاب عن ثمن السنور وهو على وجه الندب. [ ص: 6099 ] مسلم
ويختلف إذا سرقت بعد أن ذبحت، فقال ويقطع سارق الأضحية قبل الذبح، في كتاب أشهب محمد: يقطع فيها وفي القديد، وقال لا يقطع فيها ; لأنها لا تباع في فلس ولا تورث ولكن تورث لتؤكل، وإن سرقها ممن تصدق عليه بها قطع; لأنها صارت مالا للمعطى يجوز له بيعها . والقطع أحسن; لأن منع البيع لما تعلق بها من حق الله تعالى; لأنها قربة، فأشبه من سرق حجارة المسجد، أو ما أشبه ذلك وفارقت جلود الميتة; لأنها رجس. ابن حبيب:
وإن واختلف إذا كان معلما، ففي كتاب سرق بازيا أو صقرا قطع، محمد: يقوم على ما هو عليه من التعليم; لأن ذلك ليس من الباطل، وقال يقوم على أنه غير معلم ، والأول أحسن; إلا أن يكون قوم يريدونه للهو. أشهب:
قال محمد: ولا ينظر في الحمام إلى سرعته ولا فيما علم من غيرها فيجب; لأن ذلك من اللعب.
قال الشيخ: ولو كان القصد في الحمام ليأتي بالأخبار لا للعب، لقوم على ما علم منه من الموضع الذي يبلغه وتبلغ المكاتبة إليه.
وإن قوم حطبه منقوضا، فإن بلغ ربع [ ص: 6100 ] دينار قطع . وقال سرق صليبا أو تمثالا من كنيسة في العتبية فيمن ابن القاسم قطع، وقال أيضا في الكبر والدف: يقطع في قيمته صحيحا; لأنه رخص في اللعب بهما . قال سرق مزمارا أو عودا أو مثل الدف والكبر وغيره من الملاهي، وكان في قيمته بعد كسره ربع دينار ومن مالك: ويعاقب ويغرم قيمة ذلك . وقال سرق من ذمي خمرا أو خنزيرا، لم يقطع لا قيمة عليه. [ ص: 6101 ] عبد الملك: