فصل: الجمعة واجبة على الرجال الأحرار المقيمين
قال الجمعة واجبة على الرجال الأحرار المقيمين، مالك: فسقطت عن النساء بإجماع، والإجماع فيهن في موضعين: أحدهما: سقوطها، والآخر: أنهن إن حضرنها وصلينها أجزأت عن الظهر. ولا جمعة على النساء، ولا على الصبيان، ولا على العبيد. ولا على المسافرين.
وأما الصبيان ففرض الصلاة ساقط عنهم، الجمعة وغيرها. وأما العبيد [ ص: 552 ] فاختلف فيهم في ثلاثة مواضع:
أحدها: هل تجب عليهم؟ والثاني: إذا لم تجب عليهم هل تنعقد بهم؟ والثالث: هل يصح أن يقيمها العبد بالأحرار؟
ولا خلاف أنه إن صلاها مأموما أجزأته عن الظهر، والمعروف من قول مالك أنها غير واجبة على العبيد.
وقال في مختصر ما ليس في المختصر: المشهور من قول مالك أنها غير واجبة على العبيد، يريد: أنه اختلف قول ابن شعبان فيها. وقال أيضا: على من قدر من العبيد إتيان الجمعة أن يأتيها، يلزمون ذلك، ويقامون إليها من حوانيت ساداتهم. مالك
وفي موطأ قال: سئل ابن وهب المؤرخ عن مالك فقال: أما من قدر عليها منهم فنعم. فرأى أن الأصل في الصلوات تساوي الحر والعبد فيها، وهي صلوات كلها، إلا ما خصه نص أو إجماع، ولا حق للسيد في وقت الصلوات، وروى عنه العبيد: هل عليهم جمعة؟ أنه قال: أبو مصعب لا أحب للمكاتب ترك الجمعة.
واختلف في بعد القول أنها غير واجبة عليه، فمنع ذلك مالك في كتاب الصلاة الأول. وقال ابن القاسم: فإن فعل أعاد وأعادوا. وفي كتاب إمامة العبد في الجمعة الإعادة وإن ذهب الوقت. [ ص: 553 ] ابن حبيب:
وأجاز في كتاب أشهب محمد: أن يؤم فيها، وقال: إذا كانت تجزئه مأموما وتصير هي الفريضة لشهودها وواجبة عليه- أن تجزئهم. ورأى أنها ساقطة في حق السيد، وإذا حضرها وجبت عليه كسائر الصلوات.
ورأى أن فرضه أربع، فإذا أمهم كان قد أتى بركعتين عن أربع، وذلك غير مجزئ، ويجزئ إذا كان مأموما بالإجماع، وذكر انعقادها به يأتي فيما بعد. مالك
وسقطت في السفر; لأن من شرطها المصر، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد مر عليه في سفره جمع ولم يجمع، وكان وقوفه في حجته يوم الجمعة فلم يجمع. وكذلك [ ص: 554 ] إذا دخل المسافر الحضر هو على حكم المسافر في القصر، فلا تجب عليه جمعة.
واختلف إذا شهدها وصلاها مأموما، واستخلف على إقامتها: فقال مالك: إذا صلاها مأموما أجزأت. وقال في ثمانية أبي زيد: لا تجزئه وإن كانت صلاته للظهر ركعتين; لأنه صلاها على نية الجمعة. ابن الماجشون
وقول أحسن، وأن تجزئه قياسا على المرأة، فالجمعة ساقطة عنها، وإن شهدتها أجزأتها عن أربع. مالك
وقال في العتبية: إذا مالك لم تجزئهم، ويعيدون الخطبة والصلاة ما لم يذهب الوقت، فإن ذهب الوقت أعادوا ظهرا أربعا. أحدث الإمام فاستخلف المسافر-
وأجاز أن يستخلف إن حدث على الإمام شيء قبل دخوله في الصلاة أو بعد، وقاله أشهب ومنع سحنون، مطرف في كتاب وابن الماجشون قبل الإحرام، وقالا يعيد ويعيدون، وإن استخلف بعد الإحرام أجزأته وأجزأتهم; لأنها بالإحرام منعقدة عليه وصار تمامها عليه فرضا. ابن حبيب