الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في أيمان القسامة

                                                                                                                                                                                        دم الحر المسلم يستحق بخمسين يمينا والخطأ والعمد في ذلك سواء، ويفترق الجواب فيمن يحلف هذه الخمسين يمينا فأما الخطأ فيحلفها الواحد إذا كان هو المستحق للدية ابن أو أخ أو عم أو ابن عم ويدخل في ذلك النساء إذا كن ورثة، الابنة والأخت والأم والزوجة وتفرق الأيمان على قدر المواريث، فإن كان ابن وابنة حلف الابن ثلثي الأيمان والابنة الثلث، وتحلف الأم سدسها مع وجود الولد أو اثنين من الإخوة والثلث إذا انفردت أو مع أخ واحد أو أخت .

                                                                                                                                                                                        وتحلف الزوجة ربع الأيمان وثمنها مع وجود الولد ، وإن غاب أحد الورثة لم يستحق الحاضر نصيبه من الدية إلا أن يحلف خمسين يمينا، فإن غاب الابن حلفت الابنة خمسين يمينا، وأخذت ثلث الدية، فإن حضر الأخ أحلف ثلثي الأيمان ثلاثة وثلاثين يمينا وإن كان في الأيمان كسر يمين جبرت على من عليه أكثرها ولو كان كبيرا وصغيرا، حلف الكبير خمسين يمينا، وأخذ [ ص: 6450 ] حصته من الدية، وإذا كبر الصغير حلف خمسة وعشرين يمينا، واستحق. وإن خلف القتيل ابنة ولا عصبة له حلفت خمسين يمينا، واستحقت نصف الدية وسقط الباقي.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان له عصبة وهم ثلاثون فقيل يحلف منهم خمسة وعشرون ويستحق جميعهم ومنع ذلك ابن القاسم في الخطأ وقال يحلف جميعهم بخلاف العمد وإن خلف جدا وإخوة حلف الجد ثلث الأيمان.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا نكل الأولياء في الخطأ فقال ابن القاسم: ترد الأيمان على عاقلة القاتل ، وقال ابن كنانة: لا ترد إن حلفوا وإلا فلا شيء لهم وهو أحسن; لأنهم يقولون لا علم لنا لأنا لم نحضر، ويجوز أن يكون ذلك حقا والشرع يمنع أن يغرم إلا بعد ثبات القتل بالقسامة إذا لم تتم الشهادة إلا أن يكونوا حاضرين للقتل أو تدعى عليهم المعرفة بأمر لا شك فيه فترد الأيمان عليهم.

                                                                                                                                                                                        وأما القاتل فلا ترد عليه اليمين على القول بأنه لا يدخل مع العاقلة في الغرم، وأنه لو اعترف لم يغرم، وأن اعترافه إنما هو على العاقلة، وعلى القول: إنه إن اعترف كانت عليه الدية يحلف; لأنه يدعى عليه التحقيق لأنه [ ص: 6451 ] القاتل فإن حلف برئ، وإن نكل غرم جميع الدية، وقيل يغرم قدر ما ينوبه مع العاقلة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية