واختلف في واختلف بعد القول أنها لا تتعين، هل تختص بالعشر الأواخر من رمضان، أو بالشهر كله أو لا تختص برمضان، ويصح أن تكون في ليلة من سائر السنة؟ فذهب ليلة القدر هل تتعين بليلة؟ إلى أنه يصح أن تكون في غير رمضان، وقال: من يقم الحول يصب ليلة القدر، وقال ابن مسعود "قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر منه، وإنما أراد بذلك لئلا يتكل الناس". وقال أبي بن كعب: أبو سعيد الخدري: أخرج هذين الحديثين "اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشر [ ص: 851 ] الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أنبئت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف". مسلم.
واختلف الذين قالوا: إنها تتعين على أربعة أقوال: فقال إنها ليلة إحدى وعشرين; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أبو سعيد الخدري: قال: فرأيت أثر الماء والطين على جبهته وأنفه ليلة إحدى وعشرين. "وقد رأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين".
قال ابن سلام: وهو قول وأهل المدينة يقولون: إنها ليلة ثلاث وعشرين. وفي كتاب الشافعي، عن مسلم عبد الله بن أنيس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين. "رأيت ليلة القدر ولكني أنسيتها، وأراني أسجد في ماء وطين"
وكان عبد الله بن أنيس يقول: هي ليلة ثلاث وعشرين. قال: وأهل البصرة يرون أنها ليلة أربع وعشرين، وأهل الكوفة يرون أنها ليلة سبع [ ص: 852 ] وعشرين، وهو قول أبي بن كعب.
وقيل له: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ فقال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أخرجه مسلم. "عن الشمس أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها"
والذي أرى: أنها تختص بالعشر الأواخر، وبالوتر منه، ولا تختص بليلة منه لا تكون في غيرها; لحديث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ابن عمر وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اطلبوها في العشر الأواخر، في الوتر منها". وروت "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر". عائشة، [ ص: 853 ] وأبو سعيد الخدري،.... عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، وكل هذه الأحاديث أخرجها البخاري، وقد تضمنت اختصاصها بالعشر الأواخر، وأنها تختص بالوتر منها، ولا تختص بليلة منها، وأنه يصح أن تكون ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، ولو كانت تختص بليلة إحدى وعشرين- لم يصح أن تلتمس فيما بعد ذلك إلى آخر الشهر، ولا يصح أيضا القول أنها تختص بليلة ثلاث وتلتمس فيما بعد، ولا في سبع وتلتمس في تسع، ولولا أنه يصح وجودها فيما بعد الإحدى وعشرين لم يكن لقوله: وابن عباس جملة وجه. "التمسوها في العشر"
ومما يدل على أنها تختلف أوقاتها ما رواه أنها كانت في سنة ليلة إحدى وعشرين، وما رواه عبد الله بن أنيس أنها كانت ليلة ثلاث وعشرين. ويرد على القائل أنها تختص بليلة إحدى وعشرين بحديث أبو سعيد الخدري عبد الله بن أنيس أنها كانت ليلة ثلاث، وبحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ابن عمر فقد أعرى ليلة إحدى وعشرين منها. "التمسوها في السبع الأواخر".
ويرد على القائلين أنها ليلة ثلاث وعشرين بحديث وحديث أبي سعيد، ويرد على القائلين أنها ليلة سبع وعشرين [ ص: 854 ] بحديث عائشة. وحديث أبي سعيد، عبد الله بن أنيس أنها كانت في بعض السنين قبل السبع. ومحمل هذه الأحاديث أنها كانت في سنة على خلاف ما كانت عليه في الأخرى.
كمل كتاب الاعتكاف من التبصرة بحمد الله وحسن عونه
والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبيه وعبده