فصل [فيمن جاءه الساعي وقد نفق من نصاب ما يزكي شاة]
ومن المدونة قال فيمن مالك : إنه يزكي عن ما بقي ، ولا شيء عليه فيما مات . وقال في كتاب نزل به الساعي ، وله مائتا شاة وشاة فهلكت منها واحدة بعد أن نزل به الساعي وقبل أن يسعى عليه محمد : إذا نزل به الساعي فسأله عن غنمه ، فأخبره أنها مائتا شاة فقال له : نصبح فنأخذ منها شاتين ، فولدت واحدة قبل الصبح ، أو كانت مائتين وواحدة فماتت منها واحدة قبل الصبح ، فإنه يزكي على ما يجد من عددها حين يصدق ، ولا ينظر إلى ما كان قبل ذلك . فأسقط عنه زكاة ما هلك ، وإن كان قد صدقه في العدد ؛ لأن كل ما هلك من المال بعد الحول وقبل الأخذ منه من غير تفريط تسقط زكاته .
وكذلك لو عد عليه ولم يأخذ منها شيئا حتى هلك بعضها سقطت زكاته ، وزكى عن الباقي .
وتصديقه وعده سواء ، وهذا إذا كانت الزكاة من عين تلك الماشية ، ولو كانت إبلا ، فسأله عن عددها ، فقال : عشرون . فصدقه ، فقال : يصبح ويأخذ أربع شياه ، فهلك بعضها قبل أن يصبح ، أو سرق جميعها ، لم تسقط عنه زكاته ؛ [ ص: 1036 ] لأنه سلم ذلك إليه ليأخذ الزكاة من الذمة .
وقال محمد : إذا لم يجد فيها نصابا ، يريد : كانت دون أربعين شاة ، فذهب عنه المصدق ، ثم رجع إليه ، فوجدها قد بلغت نصابا بولادة ، أنه لا يأخذ منها شيئا . قال : ولا ينبغي للمصدق أن يرجع فيها ، ولا يمر في العام الواحد مرتين . وفرق ما بين ما توالد قبل أن يذهب عنه ، أو بعد ما ذهب عنه ، ثم رجع إليه فزكى الأول ولم يزك الثاني .
وقال محمد بن عبد الحكم في المسألة الآخرة : عليه أن يزكيها ، ولا أدري ما وجه قول مالك ، وقوله هذا أحسن ؛ لأنه نصاب حال عليه الحول ، وما كانت هذه صفته ، فقد وجبت فيه الزكاة ، وإنما سقط عنه الرجوع لمشقة ذلك عليه ، فإذا تكلف ذلك وفعل أخذ الزكاة . وينبغي إذا نزل الساعي ، وهي مائتان ، فقال له : نأخذ منها شاتين ، فأصبح وقد ولدت ؛ ألا يزكي إلا ما قال له أنه يزكي عليه أولا ؛ لأن الولادة صارت في العام الثاني . [ ص: 1037 ]