فصل [في أهل الحرب تردهم الريح إلى بلد غير الذي أخذوا فيه الأمان]
ومن المدونة قال في مالك الروم ينزلون للتجارة بساحل المسلمين بأمان ، فيبيعون ، ثم يركبون البحر راجعين إلى بلادهم ، ثم تردهم الريح إلى بلد من بلاد المسلمين غير الذي أخذوا فيه الأمان ، قال : لهم الأمان ما داموا في تجرهم ؛ حتى يرجعوا إلى بلادهم . [ ص: 1363 ]
وقال في الواضحة : هو آمن حتى يبعد من بلاد الإسلام ، ويقارب حوزه ومأمنه ، فيصير عند ذلك كمن لا عهد له . فمن لقيه من أهل ذلك السلطان الذي كان أمنه ، أو في رجوعه إليه إن رجع مغلوبا بريح أو غير مغلوب ، أو نزل للماء وشبهه . وأما من لقيه من غير ذلك السلطان الذي أمنه ؛ فهو كمن لا أمان له . ابن الماجشون
وكذلك ، ما كان قرب المكان الذي أمن فيه ، إلا أن يصيبه ذلك بقرب بلده ، وبعد أن فارق مخاوف الإسلام . انتهى قوله . المستأمن في ثغور المسلمين في غير تجر إذا قضى حاجته ، ثم رجع إلى بلده فانسدت عليه الطرق بثلج أو غيره ؛ فهو على أمانه
قال الشيخ -رحمه الله- : أما إذا كان فارق مخاوف الإسلام في بر أو بحر ، وصار إلى حوزهم ، والمواضع التي يطلب المسلمون فيها الأمان ؛ كانوا فيئا لمن أخذهم هناك ، وكذلك إن لقيهم في حوز المسلمين غير من كان عقد لهم الأمان ؛ لأن الأول إنما أعطاه الأمان على عمله ، ليس على عمل غيره . ولا يجوز أن يعطي على عمل غيره إذا كان لا يأتمر له .
وأما إن ردته الريح بعد أن بلغ بلده ؛ فالصواب أن يكون آمنا ؛ لأن في ذلك تنفيرا لهم ، وقد يظنون أن العقد الأول باق لهم ، وأن ذلك نقض عليهم .