فصل [هل يلقي المسلم نفسه في البحر]
وقال : بلغني عن ابن القاسم في مالك ؛ لأنه إنما فر من الموت إلى الموت . السفينة يحرقها العدو بالنار : لهم أن يطرحوا أنفسهم في البحر
وقاله مرة : فإن صبر ؛ فهو أكرم ، وإن اقتحم ؛ فقد عوفي ، ولا بأس به . [ ص: 1401 ] ربيعة
وقال أيضا : إذا كان يفر من النار إلى أمر فيه قتله ؛ فلا ينبغي أن يفر من موت إلى موت أيسر منه ، وقد جاء ما لا يحل له ، وإن كان يتحمل رجاء النجاة ، لعله يرى قرية أو يكون الأسر أرجى أن يخلوه إلى الإسلام ؛ فكل متحمل لأمر يرجو النجاة فيه فلا جناح عليه ، وإن عطب فيه .
وقال في قوم إن خرقت سفينتهم ، أيثقل نفسه فيغرق ، أم يلتمس النجاة بالغا ما بلغ ؟ وإن كان بقرب عدو خاف إن عام أن يؤسر ؟
قال : كلاهما لا أحبهما ، وليلبث في مركبه حتى يقضي الله .
وقال أبو الفرج عن : لا حرج على من أظله العدو في البحر أن يلقي نفسه فيه . مالك
وكلا هذين القولين ليس بالبين ، ولا أرى أن يلقي نفسه عندما أظله العدو ولا أن يثبت حتى يموت مع رجاء الأسر ؛ لأنه قدم الموت على الحياة مع الأسر . وأما إذا احترق مركبه بالنار ، وكان إن جلس مات بالنار ، وإن طرح نفسه مات بالماء ؛ فالأمر فيه خفيف ؛ لأنه اختار ما هو أخف . [ ص: 1402 ]
وأما إن انفتح مركبه أو فتحه العدو فإن لبثه أحسن ، فيكون قد مات بما نزل به أولى من أن يموت بفعل نفسه ، وليس هو أخف وقد اختلف فيمن خشي الموت ووجد ميتة ، هل يجب عليه الأكل ، أو يكون مباحا غير واجب ؟