فصل [في تصديق البينة للزوجة]
حلف الزوج، وكانت بالخيار بين أن ترضى بالمائة أو تفارق، فإن نكل لزمته المائتان. هذا فيما بينه وبين الزوجة; لأن يمينه لها يمين [ ص: 1836 ] تهمة لا ترجع. وإن شهدت البينة للزوجة بمائتين، وقال الرسول: على ذلك وكلني. وقال الزوج: مائة. ولا بينة له،
ويختلف: هل له أن يحلف الرسول؟ فقال : يحلف الرسول، فإن نكل غرم المائة الثانية . وقال أصبغ محمد : لا يمين عليه; لأنه لو أقر أنه تعدى أو افتأت عليه في الزائد ما كان على الرسول; لأنه لا بد أن يحلف فيبرأ من كل شيء. فإن رضي ونكل ألزم نفسه كل شيء مما على الرسول، قال: ولو كنت ألزم الرسول فنكل لكان له أن يرد اليمين على الزوج فقد نكل من أول .
قال الشيخ - رضي الله عنه -: أما يمينه قبل الدخول فإنما يحلف أنه ما أمر بمائتين لا غير. ويختلف في صفة يمينه بعد الدخول: فقال في "كتاب ابن القاسم محمد ": يحلف أنه ما أمره إلا بمائة، ولا علم بما افتأت عليه إلا بعد الدخول. فعلى هذا يصح أن يقال: لا يضر الرسول إقراره بالتعدي لما كان على الزوج أن يحلف أنه لم يعلم قبل الدخول .
وإذا نكل سقط المقال عن الرسول; لأن يمين الزوج يمين تهمة فلا ترجع، ويصح أن يقال: لا يحلف أنه ما علم; لأنها يمين تهمة، ولا علم عند الزوجة من علمه ولا تدعي أنها بلغها ذلك عنه.
ولو اعترف الرسول بالتعدي قبل الدخول لغرم المائة الزائدة; لأن الزوج يقول: أنت أوجبت علي يمينا تعديا منك، واليمين مما يشق على الناس فعليك غرم ما أدخلتني فيه. [ ص: 1837 ]
وإذا أنكر الرسول قبل الدخول غرم الزوج لأجل نكوله ورجع المقال بينه وبين الرسول- لم يكن على الرسول يمين، كما قال محمد ; لأنه يقول للزوج: أنت إنما بدأت باليمين للزوجة، وإذا صار المقال بيني وبينك كنت أنا المبدي أني لم أتعد، فإن نكلت رددت عليك اليمين، فإن نكلت لم يكن لك علي شيء وأنت قد نكلت.
ويصح قول على أحد قولي أصبغ ، إذا أمره ابن القاسم أن يشتري له بدنانير فقال الآمر: قمحا، وقال المأمور: تمرا. فقال مالك وغيره في "كتاب ابن القاسم محمد ": القول قول الآمر: أنه تعدى عليه ويغرمه . ولمالك في "المبسوط" في هذا الأصل مثل ذلك وقد مضى بسط ذلك في "كتاب الوكالات".