الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومهما فرغ من وضوئه وأقبل على الصلاة فينبغي أن يخطر بباله أنه طهر ظاهره وهو موضع نظر الخلق أن يستحي من مناجاة الله تعالى من غير تطهير قلبه وهو موضع نظر الرب سبحانه .

وليحقق طهارة القلب بالتوبة .

والخلو عن الأخلاق المذمومة والتخلق بالأخلاق الحميدة أولى .

وأن من يقتصر على طهارة الظاهر كمن يدعو ملكا إلى بيته فتركه مشحونا بالقاذورات واشتغل بتجصيص ظاهر الباب البراني من الدار .

وما أجدر مثل هذا الرجل بالتعرض للمقت والبوار والله سبحانه وتعالى أعلم .

.

التالي السابق


ثم قال المصنف : (ومهما فرغ من وضوئه) وقام إلى المصلى (وأقبل على الصلاة) بالوقوف بين يدي الله تعالى (ينبغي أن يخطر) بضم ياء المضارعة أي يمر (بباله) ، أي : بقلبه أو خاطره (أنه طهر ظاهره) ، كما أمره الله تعالى على قدر طاقته (وهو مطمح) ، وفي نسخة موقع (نظر الخلق) ، فإنهم إنما يرون طهارة الظاهر (فينبغي أن يستحي من مناجاة الله تعالى) في أول استفتاحه بقوله : إني وجهت وجهي الآية (من غير تطهير قلبه) بإخلائه عما سوى الله تعالى (وهو موقع نظر الرب سبحانه وتعالى) لما ورد أن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم إنما ينظر إلى قلوبكم (وليتحقق) ، أي : يتيقن (أن طهارة القلب) إنما تتم (بالتوبة) النصوح الصادقة بشروطها (والخلو عن الأخلاق الذميمة) والخصائل الرذيلة مما تورث القلب سوادا (و) ليعلم (أن من اقتصر على طهارة الظاهر) فقط ولم يلتفت إلى طهارة الباطن مثله (كمن أراد أن يدعو ملكا إلى بيته) ليأكل ويستريح (فتركه) ، أي : البيت (مشحونا) ، أي : مملوءا (بالقاذورات) والأوساخ ولم ينظفه منها بالكنس والمسح وغير ذلك (و) إنما (اشتغل بتخصيص ظاهر الباب البراني) وتزويقه بأنواع النقوش المختلفة (وما أجدره) ، أي : أخلقه وأحقه (بالتعرض للبوار) ، أي : الهلاك ، وفي نسخة بالتعريض للمقت والبوار والمقت أشد الغضب فهذا مثل لمن يطهر ظاهره ولا يلتفت إلى طهارة الباطن ويشتغل عنها ، ثم يريد أن يكون باطنه مظهرا لتجليات الحق سبحانه أنى يكون ذلك ضدان لا يجتمعان ، وبه ختم كيفية الوضوء



الخدمات العلمية