الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولا يقف أحد خلف الصف منفردا بل يدخل في الصف أو يجر إلى نفسه واحدا من الصف .

فإن وقف منفردا صحت صلاته مع الكراهية .

وأما الفرض فاتصال الصف وهو أن يكون بين المقتدي والإمام رابطة جامعة فإنهما في جماعة فإن كانا في مسجد كفى ذلك جامعا ؛ لأنه بني له فلا يحتاج إلى اتصال صف بل إلى أن يعرف أفعال الإمام صلى أبو هريرة رضي الله عنه على ظهر المسجد بصلاة الإمام .

.

التالي السابق


(ولا يقف أحد خلف الصف منفردا) ، فإنه مكروه (بل يدخل في الصف) إن وجد فرجة، وله أن يخرق الصف إذا لم تكن فيه فرجة، وكانت في صف قدامه لتقصيرهم بتركها، فلو لم يجد في الصف فرجة، فوجهان؛ أحدهما: يقف منفردا، ولا يجذب إلى نفسه أحدا. نص عليه في البويطي. والثاني: ما أشار إليه المصنف بقوله: (أو يجر إلى نفسه واحدا من الصف) ، وهو قول أكثر الأصحاب، ويستحب للمجرور أن يساعده، وإنما يجره بعد إحرامه. قاله الرافعي.

وشرط أصحابنا بأنه إن علم المجرور إليه لا يتأذى، وهو من أهل العلم (فإن وقف منفردا صحت صلاته مع الكراهية) ، وعندنا في الوقوف خلف الإمام منفردا روايتان؛ إحداهما: لا يكره، والثانية: يكره، وهو الصحيح، وذكر بعض متأخري أصحابنا أن القيام وحده في زماننا أولى لغلبة الجهل، فربما إذا جذبه يظن أمرا غير ما أراده الجاذب فيفعل ما يبطل صلاته .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا هشيم، عن العوام، عن عبد الملك التيمي، عن إبراهيم قال: مبدأ الصف قصد الإمام، فإن لم يكن مع الإمام إلا واحد أقامه خلفه ما بينه وبين أن يركع، فإن جاء أحد يصلي به، وإن لم يأت أحد حتى يركع لحق الإمام، فقام عن يمينه، وإن جاء والصف تام، فليقم قصد الإمام، فإن جاء أحد يصلي به، وإن لم يجئ أحد، فليدخل في الصف، ثم كذلك، وكذلك حدثنا هشيم، حدثنا يونس، عن الحسن قال: إذا جاء وقد تم الصف، فليقم بحذاء الإمام (وأما الفرض فاتصال الصف) بالإمام (وهو أن يكون بين المقتدي والإمام رابطة راجعة) تجمع بينهما (فإنهما في جماعة) ، فلا بد من هذه الجامعة (فإن كانا في مسجد) قربت المسافة بينهما، أو بعدت لكبر المسجد، وسواء اتحد البناء، أو اختلف كصحن المسجد، وصفته، أو منارته، وسرداب فيه، أو سطحه، وساحته (كفى ذلك) ، أي: صلاتهما معا فيه (جامعا؛ لأنه) ، أي: المسجد (بني له) ، أي: لهذا الفعل (فلا يحتاج إلى اتصال صف) بالإمام (بل) يحتاج (إلى أن يعرف أفعال الإمام) من قيام، وقعود، وركوع، وسجود، وهذا لا بد منه. نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب، وهو قد يكون بمشاهدة الإمام، أو مشاهدة بعض الصفوف، وقد يكون بسماع صوت الإمام، أو صوت المترجم في حق الذي لا يشاهد، وكذا البصير لظلمة، أو غيرها، وقد يكون بهداية غيره إذا كان أعمى، أو أصم في ظلمة، فقد (صلى أبو هريرة -رضي الله عنه- على ظهر المسجد بصلاة الإمام) أخرجه البخاري في الصحيح معلقا بلفظ: وصلى أبو هريرة على سقف المسجد بصلاة الإمام. وفي رواية أبي ذر، والأصيلي ، وأبي الوقت : على ظهر المسجد، كما عند المصنف .

قال الحافظ: وصله أبو بكر بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور.




الخدمات العلمية