الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
مسألة .

المسبوق إذا أدرك آخر صلاة الإمام فهو أول صلاته فليوافق الإمام وليبن عليه وليقنت في الصبح في آخر صلاة نفسه .

وإن قنت مع الإمام .

التالي السابق


(مسألة)

خامسة في حكم المسبوق قال - رحمه الله تعالى - : (المسبوق) ، وهو من سبقه الإمام بشيء من أفعال الصلاة (إذا أدرك آخر صلاة الإمام) كأن أدرك ركعتين من صلاة رباعية، أو الثالثة من صلاة المغرب (فهو) ، أي: ما أدركه (أول صلاته) ، وما يفعله بعد سلام الإمام آخرها، حتى لو أدرك ركعة من المغرب، فإذا قام لإتمام الباقي يجهر في الثانية، ويتشهد، ويسر في الثالثة. قاله الرافعي، وهو مذهب الشافعي.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن عمر بن الخطاب وأبا الدرداء كانا يقولان: ما أدركت من صلاة الإمام فاجعله أول صلاتك، ونقل مثل ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وابن المسيب، والحسن البصري، وعلي بن أبي طالب، وسعيد بن جبير بأسانيده، وحكاه ابن المنذر، عن هؤلاء خلا سعيد بن جبير، وحكاه أيضا عن مكحول، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وابن راهويه، والمزني. قال ابن المنذر: وبه أقول .

ورواه البيهقي، عن ابن عمر، وابن سيرين، وأبي قلابة، وهو نص مالك في المدونة، وقال: سحنون في العتبية، وهو قول مالك، أخبرني به غير واحد، وحكاه ابن بطال، عن الإمام أحمد، وحكاه عياض، والنووي، عن جمهور العلماء والسلف، وذهب آخرون إلى أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام هو أول صلاته، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ورواه ابن أبي شيبة، عن ابن مسعود، وابن عمر، والنخعي، ومجاهد، وأبي قلابة، وعمرو بن دينار، والشعبي، وابن سيرين، وعبيد بن عمير، وحكاه ابن المنذر، عن مالك، والنووي، والشافعي، وأحمد، وقال ابن بطال: هو قول أشهب، وابن الماجشون، واختاره ابن حبيب.

قلت: أما الشافعي، فالصحيح من مذهبه ما قدمناه، إلا أن النووي حكى في الروضة هذا القول، وقال: إنه غريب. (فليوافق الإمام) في أفعاله (وليبن عليه) ، أي: على أحكام ذلك، وقال العراقي: وفي المذهب قول ثالث هو أنه أول صلاة بالنسبة إلى الأفعال، وآخر بالنسبة إلى الأقوال، وهو رواية عن مالك.

قال ابن شاس في الجواهر: حكى المتأخرون أن المذهب كله على قول واحد، وهو البناء في الأفعال، والقضاء في الأقوال (وليقنت في الصبح) إن أدرك ركعة منها (في آخر صلاة نفسه، وإن قنت مع الإمام) ، أي: لو أدرك ركعة من الصبح، وقنت مع الإمام أعاد القنوت في الركعة التي يأتي بها، كذا ذكره الرافعي في الشرح .




الخدمات العلمية