الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
مسألة .

من صلى ثم رأى على ثوبه نجاسة ، فالأحب قضاء الصلاة ، ولا يلزمه .

ولو رأى النجاسة في أثناء الصلاة رمى بالثوب وأتم والأحب الاستئناف .

وأصل هذا قصة خلع النعلين حين أخبر جبرائيل عليه السلام رسول الله : صلى الله عليه وسلم بأن عليهما نجاسة فإنه صلى الله عليه وسلم لم يستأنف الصلاة .

التالي السابق


(مسألة)

سابعة في حكم من رأى على ثوبه نجاسة هل يتم صلاته، أو يستأنف؟ قال - رحمه الله تعالى - : (من صلى) في ثوب (ثم رأى على ثوبه) ذلك (نجاسة، فالأحب قضاء) تلك (الصلاة، ولا يلزمه) ، وجوبا؛ أي: الأحب أن يعيد ما دام في الوقت قبل أن يدخل وقت صلاة أخرى، فإن خرج جميع الوقت، فلا إعادة، ولو أعاد تلك الصلاة متى رأى تلك النجاسة، أو تحرى صلاة قبلها حتى يستيقن أنه قد صلى طاهر الثوب كان أحب، كذا في القوت (ومن رأى النجاسة) ، أي: علم بها (في أثناء الصلاة) في ثوبه، أو نعله، أو أنه غير مستقبل القبلة (رمى الثوب) ، وخلع النعل، واستقبل القبلة (وأتم) صلاته (والأحب الاستئناف) ، أي: إن أعادها من أصلها فهو أحب (وأصل هذا) ، أي: الرخصة بالإتمام سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (في قصة خلع النعلين) في الصلاة (حيث أخبر جبريل - عليه السلام - رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن

[ ص: 317 ] عليهما) أذى أو خبثا؛ أي: (نجاسة) ، وقد تقدم تخريجه قريبا (فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستأنف الصلاة) ، ولو وقع ذلك لنقل إلينا، فعلم من هذا أن الإتمام رخصة. والله أعلم .

وقد عقد أبو بكر بن أبي شيبة على هذه المسألة بابا، فقال: حدثنا هشيم، أخبرنا حصين، سألت إبراهيم عن الرجل يرى في ثوبه دما، وهو في صلاته؟ قال: إن كان كثيرا، فليلق الثوب عنه، وإن كان قليلا، فليمض في صلاته. حدثنا حاتم بن وردان، عن برد، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا كان في الصلاة، فرأى في ثوبه دما، فاستطاع أن يضعه وضعه، وإن لم يستطع أن يضعه خرج فغسله، ثم جاء فبنى على ما كان عليه. حكى ابن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان ينصرف من الدم قليله وكثيره. حدثنا حاتم بن وردان، عن يونس، عن الحسن قال: إذا رأيته، وقد صليت بعض صلاتك فضع الثوب عنك وامض في صلاتك. حدثنا غندر، عن شعبة قال: سألت حمادا عن الرجل يصلي، فيرى في ثوبه الدم؟ قال: يلقي الثوب عنه. قلت: فإن لم يكن إلا ثوبين؟ قال: يلقي أحدهما، ويتوشح بالآخر. وسألت الحكم فقال مثل ذلك الفضل بن دكين، عن أفلح، عن القاسم أنه كان يصلي، فرأى في ثوبه دما، فوضعه. حدثنا يزيد بن هارون، عن عمران، عن أبي مجلز في الدم يكون في الثوب؟ قال: إذا كبرت، ودخلت في الصلاة، ولم تر شيئا، ثم رأيته بعد، فأتم الصلاة. وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر قال: إذا رأيت في ثوبك دما فامض في صلاتك. وكيع، عن إسرائيل، عن حماد بن سلمة، عن أبي البختري، عن الهجيم قال: قلت لعبد الله بن رباح: أرى الدم في ثوبي، وأنا في الصلاة؛ قال: امض في صلاتك، فإذا انصرفت فاغسله. اهـ .




الخدمات العلمية