الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ثم يدخل المسجد ويصلي ركعتين تحية المسجد ثم يجلس ولا يصلي إلى أن يصلي المكتوبة وفيما ، بين الصبح إلى طلوع الشمس الأحب فيه الذكر والفكر والاقتصار على ركعتي الفجر والفريضة .

التالي السابق


( ثم يدخل المسجد) ينظر إن كان يدخل فيه بغلس عند طلوع الفجر واشتباك النجوم. ( يصلي ركعتي التحية) ، وإن كان دخوله عند إمحاق النجوم مسفرا قعد ولا يصليهما، وكذا عند الإقامة إذا دخل كما تقدم .

( ثم يجلس ولا يصلي إلى أن يصلي المكتوبة، فما بين الصبح إلى طلوع الشمس الأحب فيه الذكر والفكر) أي: المراقبة، ومن أفضل الأذكار فيه: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإن هذه الكلمات تعدل ركعتين في الفضل إذا قالهن أربع مرات، كذا في القوت .

( و) كذلك الأحب فيه ( الاقتصار على ركعتي الفجر والفريضة) فقط؛ إذ لا تنفل بعد طلوع الفجر بغير ركعتي الفجر، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك، وأحمد في المشهور عنه، وأخرج أبو داود وغيره من حديث ابن عمر : لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين .



( تنبيه) :

روى عروة عن عائشة قالت [ ص: 336 ] كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا فجر الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اتكأ على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن يؤذنه للصلاة، فيه استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة. وروى ابن أبي شيبة فعله عن أبي موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة ، ومحمد بن سيرين، وعروة بن الزبير، وذكر ابن حزم أن عبد الرحمن بن زيد حكاه عن الفقهاء السبعة، وكان ابن حزم يقول بوجوبه. وذهب آخرون إلى كراهته؛ نقل ذلك عن ابن عمر ، وابن مسعود، والنخعي، وابن المسيب، وسعيد بن جبير ، والأسود بن يزيد، والحسن البصري، وذهب آخرون إلى التفريق بين من يصلي بالليل فيستحب له، وبين من لا يصلي فلا يستحب له، واختاره أبو بكر بن العربي.



( تنبيه آخر) :

هاتان الركعتان من آكد السنن عندنا وأقواها حتى روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: لو صلاهما قاعدا من غير عذر لا يجوز، وروى صاحب الهداية عن أبي حنيفة أنهما واجبتان، وممن قال بوجوبهما: الحسن البصري؛ رواه عنه محمد بن نصر المروزي في كتاب قيام الليل، وابن أبي شيبة في المصنف، وعند الشافعي وأصحابه هما من آكد الرواتب، وإنما قلنا: الرواتب ليحترز بهما عن الوتر؛ لأن الوتر أفضل من ركعتي الفجر على ما تقدم للمصنف، وهو الأصح من قولي الشافعي، وهو مذهب مالك، والقول الآخر تفضيل ركعتي الفجر، والله أعلم .




الخدمات العلمية