الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وصدقة الخليطين كصدقة المالك الواحد في النصاب فإذا كان بين رجلين أربعون من الغنم ففيها شاة .

وإن كان بين ثلاثة نفر مائة شاة وعشرون ففيها شاة واحدة على جميعهم .

التالي السابق


(وصدقة الخليطين كصدقة المالك الواحد في النصب) جمع نصاب، اعلم أن الخلطة على نوعين: [ ص: 29 ] خلطة اشتراك وخلطة جوار، وقد يعبر عن الأول بخلطة الأعيان وبخلطة الشيوع، وعن الثاني بخلطة الأوصاف، والمراد بالأول أن لا يتميز نصيب أحد الرجلين أو الرجال عن نصيب غيره كماشية ورثها قوم أو ابتاعوها معا فهي شائعة بينهم، وبالثاني أن يكون مال كل واحد معينا متميزا عن مال غيره، ولكن يجاوره مجاورة المال، ولكل واحدة من الخلطتين أثر في الزكاة، فتجعلان مال الشخصين أو الأشخاص بمنزلة الواحد، ثم قد توجب الزكاة أو تكثرها، (فإذا كانت بين رجلين أربعون من الغنم) أي: خلطا عشرين بعشرين (ففيها شاة) ، ولو انفردت لم يجب شيء، (وإن كان بين ثلاثة نفر مائة وعشرون) أي: خلطوا أربعين بأربعين لغيرهم (ففيها شاة على جميعتهم) ، وصورة تكثيرها خلط مائة شاة وشاة بمثلها، وجب على كل واحد شاة ونصف، ولو انفرد لزمه شاة فقط أو خلط خمسا وخمسين بقرة بمثلها لزم كل واحد مسنة ونصف تبيع، ولو انفردا كفاه مسنة، وقد تقللها كرجلين خلطا أربعين بأربعين يجب عليهما شاة، ولو انفردا وجب على كل واحد شاة، وحكى الحناطي وجها غريبا أن خلطة الجوار لا أثر لها وليس بشيء، كذا في الروضة .

وقد يستدل لخلطه الجوار بما رواه البخاري من حديث أنس: لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، نهى المالك عن التفريق وعن الجمع خشية وجوبها أو كثرتها، ونهى الساعي عنهما خشية سقوطها أو قلتها، والخبر ظاهر في خلطة الجوار، ومثلها خلطة الشيوع بل أولى، وإنما سميت خلطة الشيوع خلطة الأعيان؛ لأن كل عين مشتركة، وقد ذكر شارح المنهاج للخلطتين ثلاثة شروط:

أحدها: كون المالين من جنس واحد لا غنم مع بقر .

الثاني: كون مجموع المالين نصابا فأكثر أو أقل، ولأحدهما نصاب فأكثر، فلو ملك كل واحد منهما عشرين من الغنم فخلطا تسعة عشر بمثلها وتركا شاتين منفردتين، فلا خلطة ولا زكاة .

الثالث: دوام الخلطة سنة إن كان المال حوليا، فلو ملك كل منهما أربعين شاة في أول المحرم وخلطا في أول صفر، فالجديد أنه لا خلطة في الحول، بل إذا جاء المحرم وجب على كل منهما شاة، وإن لم يكن اشترط بقاؤها إلى زهو الثمر واشتداد الحب في النبات، وفي الوجيز مع شرحه: وفي وجود الاختلاط في أول السنة وجريان الاختلاط واتفاق أوائل الأحوال خلاف؛ أي: وجهان في جميع الصور إلا في وجود الاختلاط في أول السنة، فهو من هذه المسألة قولان .



وفي تأثير الخلطة في الثمار والزروع ثلاثة أقوال؛ الأصح: أنه يثبت مطلقا، فعلى الثالث تؤثر خلطة الشيوع دون الجوار، وفيه خلاف لمالك وأحمد، وهل تؤثر خلطة الجوار في مال التجارة؟ قولان، أصحهما أنه لا يؤثر، وفي الشيوع قولان أصحهما أنه يؤثر .




الخدمات العلمية