الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والحقنة ولا يفسد بالفصد والحجامة .

التالي السابق


(والحقنة) بالضم اسم من الاحتقان كالفرقة من الافتراق ثم أطلقت على ما يتداوى به وقد حقنه واحتقنه أوصل الدواء إلى باطنه من مخرجه بالحقنة بالكسر واحتقن هو ، وهي مبطلة للصوم بحصول الوصول إلى الجوف المعتبر وبه قال أبو حنيفة وأحمد وعن القاضي حسين أنه لا تبطله وهو غريب وفيها اختلاف رواية عن مالك (ولا يبطل بالفصادة ) بالكسر اسم من فصد فصدا وهو إخراج الدم من العروق بالمفصد (والحجامة) وهو إخراج الدم بالشرط وقد حجمه حجما إذا شرطه بالموسى وهو حجام واسم الصناعة الحجامة بالكسر أيضا وبعدم فساد الصوم بالفصد قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وفي الحجامة اختلاف أحمد فإنه قال : يفطر بها الحاجم والمحجوم أخذا بالحديث الذي رواه في ذلك وهو : "أفطر الحاجم والمحجوم " وهو مما رواه وعمل به وليس هو في الصحيحين وبقول أحمد قال ابن المنذر وابن خزيمة من أصحاب الشافعي .



(تنبيه)

هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن حبان من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس وصحح البخاري الطريقين تبعا لعلي بن المديني نقله الترمذي في العلل وقد استوعب النسائي طرق هذا الحديث في السنن الكبرى ورواه الترمذي أيضا من طريق معمر بن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج قال الترمذي ذكر عن أحمد أنه قال هو أصح شيء في هذا الباب وصححه ابن حبان والحاكم ورواه النسائي وابن ماجه من طريق عبد الله بن بشر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ووقفه إبراهيم بن طهمان عن الأعمش وله طريق عن شقيق بن نور عن أبيه عن أبي هريرة .

ثم هذا الحديث معارض بما روي : "أنه -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم " رواه البخاري وغيره .

"وقيل : لأنس أكنتم تكرهون الحجامة ؟ فقال : لا ، إلا من أجل الضعف " رواه البخاري .

و"قال أنس : أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : أفطر هذان ثم رخص -صلى الله عليه وسلم- في الحجامة بعد للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم " رواه الدارقطني وقال : رواته ثقات ولا أعلم له علة .

وبما رواه البزار من حديث ابن عباس رفعه : "ثلاثة لا يفطرون الصائم : القيء ، والحجامة ، والاحتلام " وسيأتي ذكره .




الخدمات العلمية