قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=94قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي قال فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=94قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ابن عباس : أخذ شعره بيمينه ولحيته بيساره ؛ لأن الغيرة في الله ملكته ؛ أي لا تفعل هذا فيتوهموا أنه منك استخفاف أو عقوبة . وقد قيل : إن
موسى - عليه السلام - إنما فعل هذا على غير استخفاف ولا عقوبة كما يأخذ الإنسان بلحية نفسه . وقد مضى هذا في ( الأعراف ) مستوفى . والله - عز وجل - أعلم بما أراد نبيه - عليه السلام -
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=94إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل أي خشيت أن أخرج وأتركهم وقد
[ ص: 153 ] أمرتني أن أخرج معهم ، فلو خرجت لاتبعني قوم ويتخلف مع العجل قوم ؛ وربما أدى الأمر إلى سفك الدماء ؛ وخشيت إن زجرتهم أن يقع قتال فتلومني على ذلك . وهذا جواب
هارون لموسى - عليه السلام - عن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=93أفعصيت أمري وفي الأعراف
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=150إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء لأنك أمرتني أن أكون معهم . وقد تقدم . ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=94ولم ترقب قولي لم تعمل بوصيتي في حفظه ؛ قاله
مقاتل . وقال
أبو عبيدة : لم تنظر عهدي وقدومي . فتركه
موسى ثم أقبل على
السامري ف
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=95قال فما خطبك يا سامري أي ، ما أمرك وشأنك ، وما الذي حملك على ما صنعت ؟ قال
قتادة : كان
السامري عظيما في
بني إسرائيل من قبيلة يقال لها
سامرة ولكن عدو الله نافق بعد ما قطع البحر مع
موسى ، فلما مرت
بنو إسرائيل بالعمالقة وهم يعكفون على أصنام لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فاغتنمها
السامري وعلم أنهم يميلون إلى عبادة العجل فاتخذ العجل .
ف ( قال )
السامري مجيبا
لموسى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=96بصرت بما لم يبصروا به يعني : رأيت ما لم يروا ؛ رأيت
جبريل - عليه السلام - على فرس الحياة ، فألقي في نفسي أن أقبض من أثره قبضة ، فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ولحم ودم ؛ فلما سألوك أن تجعل لهم إلها زينت لي نفسي ذلك . وقال
علي - رضي الله عنه - : لما نزل
جبريل ليصعد
بموسى - عليه السلام - ، إلى السماء ، وأبصره
السامري من بين الناس فقبض قبضة من أثر الفرس . وقيل قال
السامري : رأيت
جبريل على الفرس وهي تلقي خطوها مد البصر فألقي في نفسي أن أقبض من أثرها فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ودم . وقيل : رأى
جبريل يوم نزل على رمكة وديق ، فتقدم خيل
فرعون في ورود البحر . ويقال : إن
أم السامري جعلته حين وضعته في غار خوفا من أن يقتله
فرعون ؛ فجاءه
جبريل - عليه السلام - ، فجعل كف
السامري في فم
السامري ، فرضع العسل واللبن فاختلف إليه فعرفه من حينئذ . وقد تقدم هذا المعنى في ( الأعراف ) .
ويقال : إن
السامري سمع كلام
موسى - عليه السلام - ، حيث عمل تمثالين من شمع أحدهما ثور والآخر فرس فألقاهما في النيل طلب قبر
يوسف - عليه السلام - وكان في تابوت من حجر في النيل فأتى به الثور على قرنه ، فتكلم
السامري بذلك الكلام الذي سمعه من
موسى ، وألقى القبضة في جوف العجل فخار . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وخلف ( بما لم تبصروا ) بالتاء على الخطاب . الباقون بالياء على الخبر .
وقرأ
أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود والحسن وقتادة ( فقبصت قبصة ) بصاد غير معجمة . وروي عن
الحسن ضم القاف من ( قبصة ) والصاد غير معجمة . الباقون :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=96فقبضت قبضة [ ص: 154 ] بالضاد المعجمة . والفرق بينهما أن القبض بجميع الكف ، والقبص بأطراف الأصابع ، ونحوهما الخضم والقضم ، والقبضة بضم القاف القدر المقبوض ؛ ذكره
المهدوي . ولم يذكر
الجوهري ( قبصة ) بضم القاف ، والصاد غير معجمة ، وإنما ذكر ( القبضة ) بضم القاف والضاد المعجمة وهو ما قبضت عليه من شيء ؛ يقال : أعطاه قبضة من سويق أو تمر أي كفا منه ، وربما جاء بالفتح . قال : والقبص بكسر القاف والصاد غير المعجمة العدد الكثير من الناس ؛ قال
الكميت :
لكم مسجدا الله المزوران والحصى لكم قبصه من بين أثرى وأقترى
فنبذتها أي طرحتها في العجل .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=96وكذلك سولت لي نفسي أي زينته ؛ قاله
الأخفش . وقال
ابن زيد : حدثتني نفسي . والمعنى متقارب .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97قال فاذهب أي قال له
موسى فاذهب أي من بيننا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس أي لا أمس ولا أمس طول الحياة . فنفاه
موسى عن قومه وأمر
بني إسرائيل ألا يخالطوه ولا يقربوه ولا يكلموه عقوبة له . قال الشاعر :
تميم كرهط السامري وقوله ألا لا يريد السامري مساسا
قال
الحسن : جعل الله عقوبة
السامري ألا يماس الناس ولا يماسوه عقوبة له ولمن كان منه إلى يوم القيامة ؛ وكأن الله - عز وجل - شدد عليه المحنة ، بأن جعله لا يماس أحدا ولا يمكن من أن يمسه أحد ، وجعل ذلك عقوبة له في الدنيا . ويقال : ابتلي بالوسواس وأصل الوسواس من ذلك الوقت . وقال
قتادة : بقاياهم إلى اليوم يقولون ذلك - لا مساس - وإن مس واحد من غيرهم أحدا منهم حم كلاهما في الوقت . ويقال : إن
موسى هم بقتل
السامري ، فقال الله تعالى له : لا تقتله فإنه سخي . ويقال لما قال له
موسى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس خاف فهرب فجعل يهيم في البرية مع السباع والوحشي ، لا يجد أحدا من الناس يمسه حتى صار كالقائل لا مساس ؛ لبعده عن الناس وبعد الناس عنه ؛ كما قال الشاعر :
حمال رايات بها قناعسا حتى تقول الأزد لا مساسا
مسألة : هذه الآية أصل في
nindex.php?page=treesubj&link=28263_20440_20462نفي أهل البدع والمعاصي وهجرانهم وألا يخالطوا ، وقد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=331بكعب بن مالك والثلاثة الذين خلفوا .
nindex.php?page=treesubj&link=33017_33015ومن التجأ إلى الحرم وعليه قتل [ ص: 155 ] لا يقتل عند بعض الفقهاء ، ولكن لا يعامل ولا يبايع ولا يشارى ، وهو إرهاق إلى الخروج . ومن هذا القبيل التغريب في حد الزنا ، وقد تقدم جميع هذا كله في موضعه ، فلا معنى لإعادته . والحمد لله وحده . وقال
هارون القارئ : ولغة العرب لا مساس بكسر السين وفتح الميم ، وقد تكلم النحويون فيه ؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : هو مبني على الكسر كما يقال اضرب الرجل . وقال
أبو إسحاق : لا مساس نفي وكسرت السين لأن الكسرة من علامة التأنيث ؛ تقول فعلت يا امرأة . قال
النحاس وسمعت
علي بن سليمان يقول سمعت
محمد بن يزيد يقول : إذا اعتل الشيء من ثلاث جهات وجب أن يبنى ، وإذا اعتل من جهتين وجب ألا ينصرف ؛ لأنه ليس بعد ترك الصرف إلا البناء ؛ فمساس ودراك اعتل من ثلاث جهات : منها أنه معدول ، ومنها أنه مؤنث ، وأنه معرفة ؛ فلما وجب البناء فيه وكانت الألف قبل السين ساكنة كسرت السين لالتقاء الساكنين ؛ كما تقول اضرب الرجل . ورأيت
أبا إسحاق يذهب إلى أن هذا القول خطأ ، وألزم
أبا العباس إذا سمى امرأة
بفرعون يبنيه ، وهذا لا يقوله أحد . وقال
الجوهري في الصحاح : وأما قول العرب لا مساس مثال قطام فإنما بني على الكسر لأنه معدول عن المصدر وهو المس . وقرأ
أبو حيوة ( لا مساس ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97وإن لك موعدا لن تخلفه يعني يوم القيامة . والموعد مصدر ؛ أي إن لك وعدا لعذابك . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو ( تخلفه ) بكسر اللام وله معنيان : أحدهما : ستأتيه ولن تجده مخلفا ؛ كما تقول : أحمدته أي وجدته محمودا . والثاني : على التهديد أي لا بد لك من أن تصير إليه . والباقون بفتح اللام ؛ بمعنى : إن الله لن يخلفك إياه .
nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا أي دمت وأقمت عليه . عاكفا أي ملازما . وأصله ظللت ؛ قال :
خلا أن العتاق من المطايا أحسن به فهن إليه شوش
أي أحسسن . وكذلك قرأ
الأعمش بلامين على الأصل . وفي قراءة
ابن مسعود ( ظلت ) بكسر الظاء . يقال : ظللت أفعل كذا إذا فعلته نهارا وظلت وظلت ؛ فمن قال : ظلت حذف اللام الأولى تخفيفا ؛ ومن قال ظلت ألقى حركة اللام على الظاء .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97لنحرقنه قراءة العامة بضم النون وشد الراء من حرق يحرق . وقرأ
الحسن وغيره بضم النون وسكون الحاء وتخفيف الراء من أحرقه يحرقه . وقرأ
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وأبو جعفر وابن محيصن وأشهب العقيلي ( لنحرقنه ) بفتح النون وضم الراء خفيفة ، من حرقت الشيء أحرقه حرقا بردته وحككت بعضه ببعض ، ومنه قولهم : حرق نابه يحرقه ويحرقه أي سحقه حتى سمع له صريف ؛ فمعنى هذه
[ ص: 156 ] القراءة لنبردنه بالمبارد ، ويقال للمبرد المحرق . والقراءتان الأوليان معناهما الحرق بالنار . وقد يمكن جمع ذلك فيه ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ذبح العجل فسال منه كما يسيل من العجل إذا ذبح ، ثم برد عظامه بالمبرد وحرقه وفي حرف
ابن مسعود ( لنذبحنه ثم لنحرقنه ) واللحم والدم إذا أحرقا صارا رمادا فيمكن تذريته في اليم فأما الذهب فلا يصير رمادا وقيل عرف
موسى ما صير به الذهب رمادا ، وكان ذلك من آياته .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97لننسفنه لنطيرنه . وقرأ
أبو رجاء ( لننسفنه ) بضم السين لغتان ، والنسف نفض الشيء ليذهب به الريح وهو التذرية ، والمنسف ما ينسف به الطعام ؛ وهو شيء متصوب الصدر أعلاه مرتفع ، والنسافة ما يسقط منه ؛ يقال : اعزل النسافة وكل من الخالص . ويقال : أتانا فلان كأن لحيته منسف ؛ حكاه
أبو نصر أحمد بن حاتم . والمنسفة آلة يقلع بها البناء ، ونسفت البناء نسفا قلعته ، ونسف البعير الكلأ ينسفه بالكسر إذا اقتلعه بأصله ، وانتسفت الشيء اقتلعته ؛ عن
أبي زيد .
nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=98إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما لا العجل ؛ أي وسع كل شيء علمه ؛ يفعل الفعل عن العلم ؛ ونصب على التفسير . وقرأ
مجاهد وقتادة nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=98وسع كل شيء علما .