فالعناية
nindex.php?page=treesubj&link=29411بمقامات القلب وأحواله دأب علماء الآخرة لأن القلب هو الساعي إلى قرب الله تعالى وقد صار هذا الفن غريبا مندرسا وإذا تعرض العالم لشيء منه استغرب واستبعد وقيل : هذا تزويق المذكرين فأين التحقيق ويرون أن التحقيق في دقائق المجادلات ولقد صدق من قال .
الطرق شتى وطرق الحق مفردة والسالكون طريق الحق أفراد لا يعرفون ولا تدرى مقاصدهم
فهم على مهل يمشون قصاد والناس في غفلة عما يراد بهم
فجلهم عن سبيل الحق رقاد
وعلى الجملة فلا يميل أكثر الخلق إلا إلى الأسهل والأوفق لطباعهم فإن الحق مر والوقوف عليه صعب وإدراكه شديد وطريقه مستوعر ولا سيما معرفة صفات القلب وتطهيره عن الأخلاق المذمومة فإن ذلك نزع للروح على الدوام وصاحبه ينزل منزلة الشارب للدواء يصبر على مرارته رجاء الشفاء وينزل منزلة من جعل مدة العمر صومه فهو يقاسي الشدائد ليكون فطره عند الموت ومتى تكثر الرغبة في هذا الطريق ولذلك قيل إنه كان في
البصرة مائة وعشرين متكلما في الوعظ والتذكير ولم يكن من يتكلم في علم اليقين وأحوال القلوب وصفات الباطن إلا ثلاثة منهم ، سهل التستري والصبيحي وعبد الرحيم وكان يجلس إلى أولئك الخلق الكثير الذي لا يحصى وإلى هؤلاء عدد يسير قلما يجاوز العشرة لأن النفيس العزيز لا يصلح إلا لأهل الخصوص وما يبذل للعموم فأمره قريب .
فَالْعِنَايَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=29411بِمَقَامَاتِ الْقَلْبِ وَأَحْوَالِهِ دَأْبُ عُلَمَاءِ الْآخِرَةِ لِأَنَّ الْقَلْبَ هُوَ السَّاعِي إِلَى قُرْبِ اللَّه تَعَالَى وَقَدْ صَارَ هَذَا الْفَنُّ غَرِيبًا مُنْدَرِسًا وَإِذَا تَعَرَّضَ الْعَالِمُ لِشَيْءٍ مِنْهُ اسْتُغْرِبَ وَاسْتُبْعِدَ وَقِيلَ : هَذَا تَزْوِيقُ الْمُذَكِّرِينَ فَأَيْنَ التَّحْقِيقُ وَيَرَوْنَ أَنَّ التَّحْقِيقَ فِي دَقَائِقِ الْمُجَادَلَاتِ وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ .
الطُّرُقُ شَتَّى وَطُرُقُ الْحَقِّ مُفْرَدَةٌ وَالسَّالِكُونَ طَرِيقَ الْحَقِّ أَفْرَادٌ لَا يُعْرَفُونَ وَلَا تُدْرَى مَقَاصِدُهُمْ
فَهُمْ عَلَى مَهَلٍ يَمْشُونَ قُصَّادُ وَالنَّاسُ فِي غَفْلَةٍ عَمَّا يُرَادُ بِهِمْ
فَجُلُّهُمْ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ رُقَّادُ
وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَلَا يَمِيلُ أَكْثَرُ الْخَلْقِ إِلَّا إِلَى الْأَسْهَلِ وَالْأَوْفَقِ لِطِبَاعِهِمْ فَإِنَّ الْحَقَّ مُرُّ وَالْوُقُوفَ عَلَيْهِ صَعْبُ وَإِدْرَاكَهُ شَدِيدٌ وَطَرِيقَهُ مُسْتَوْعِرٌ وَلَا سِيَّمَا مَعْرِفَةُ صِفَاتِ الْقَلْبِ وَتَطْهِيرُهُ عَنِ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَزْعٌ لِلرُّوحِ عَلَى الدَّوَامِ وَصَاحِبُهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشَّارِبِ لِلدَّوَاءِ يَصْبِرُ عَلَى مَرَارَتِهِ رَجَاءَ الشِّفَاءِ وَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَنْ جَعَلَ مُدَّةَ الْعُمْرِ صَوْمَهُ فَهُوَ يُقَاسِي الشَّدَائِدَ لِيَكُونَ فِطْرَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَمَتَى تَكْثُرُ الرَّغْبَةُ فِي هَذَا الطَّرِيقِ وَلِذَلِكَ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ فِي
الْبَصْرَةِ مِائَةٌ وَعِشْرِينَ مُتَكَلِّمًا فِي الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي عِلْمِ الْيَقِينِ وَأَحْوَالِ الْقُلُوبِ وَصِفَاتِ الْبَاطِنِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ ، سَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ وَالصُّبَيْحِيُّ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَى أُولَئِكَ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُحْصَى وَإِلَى هَؤُلَاءِ عَدَدٌ يَسِيرٌ قَلَّمَا يُجَاوِزُ الْعَشَرَةَ لِأَنَّ النَّفِيسَ الْعَزِيزَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِأَهْلِ الْخُصُوصِ وَمَا يَبْذُلُ لِلْعُمُومِ فَأَمْرُهُ قَرِيبٌ .