الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثامن : ما يكتب على الخزانة أو على عامل يجتمع عنده من الحلال والحرام ، فإن لم يعرف للسلطان دخل إلا من الحرام ، فهو سحت محض ، وإن عرف يقينا أن الخزانة تشتمل على مال حلال ومال حرام ، واحتمل أن يكون ما يسلم إليه بعينه من الحلال احتمالا قريبا له وقع في النفس واحتمل أن يكون من الحرام وهو الأغلب ; لأن أغلب أموال السلاطين حرام في هذه الأعصار والحلال في أيديهم معدوم أو عزيز فقد اختلف الناس في هذا ، فقال قوم : كل ما لا أتيقن أنه حرام فلي أن آخذه ، وقال آخرون : لا يحل أن يؤخذ ما لم يتحقق أنه حلال ، فلا تحل شبهة أصلا .

وكلاهما إسراف ، والاعتدال ما قدمنا ذكره ، وهو الحكم بأن الأغلب إذا كان حراما حرم ، وإن كان الأغلب حلالا وفيه يقين حرام فهو موضع توقفنا فيه كما سبق .

التالي السابق


( الثامن: ما يكتب على الخزانة ) ، وهو المال الذي يجتمع فيخزن باسم السلطان (أو على عامل) من عماله على البلاد (فيجتمع عنده من الحلال والحرام، فإن لم يعرف للسلطان دخل إلا من) حيث (الحرام، فهو سحت محض، وإن علم أن الخزانة تشتمل على مال حلال ومال حرام، واحتمل أن يكون) ذلك (من الحرام وهو الأغلب; لأن أغلب أموال السلاطين حرام في هذه الأعصار) لكثرة ظلمهم وغلبة جهلهم، (والحلال في أيديهم معدوم وعزيز) وجوده، (وقد اختلف الناس في هذا، فقال قوم: كل ما لا يتيقن أنه حرام فله أن يأخذه، وقال آخرون: لا يحل أن يؤخذ ما لم يتحقق أنه حلال، فلا يحل بشبهة أصلا) نقل كلا من القولين صاحب القوت، (وكلاهما إسراف، والاعتدال قدمنا ذكره، وهو الحكم بأن الأغلب إذا كان حراما حرم، وإن كان الأغلب حلالا وفيه بقية حرام فهو موضع توقف فيه) ، وفي نسخة: موضع توقفنا، (كما سبق) .




الخدمات العلمية