الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
مسألة .

الأسواق التي بنوها بالمال الحرام تحرم التجارة فيها ، ولا يجوز سكناها فإن سكنها تاجر واكتسب بطريق شرعي لم يحرم كسبه وكان ، عاصيا بسكناه وللناس أن يشتروا منهم ، ولكن لو وجدوا سوقا أخرى ، فالأولى الشراء منها فإن ذلك إعانة لسكناهم وتكثير لكراء حوانيتهم وكذلك معاملة السوق التي لا خراج لهم عليها أحب من معاملة سوق لهم عليها خراج وقد بالغ قوم حتى تحرزوا من معاملة الفلاحين وأصحاب الأراضي التي لهم عليها الخراج فإنهم ربما يصرفون ما يأخذون إلى الخراج فيحصل به الإعانة ، وهذا غلو في الدين وحرج على المسلمين فإن الخراج قد عم الأراضي ولا غنى بالناس عن ارتفاق الأرض ولا ، معنى للمنع منه ، ولو جاز هذا لحرم على المالك زراعة الأرض حتى لا يطلب خراجها .

وذلك مما يطول ويتداعى إلى حسم باب المعاش .

التالي السابق


(مسألة) أخرى ( الأسواق التي بنوها بالمال الحرام تحرم التجارة فيها، ولا يجوز سكناها ) ، فإن كانت الأرض مغصوبة، فالحرمة أشد، (وإن سكنها تاجر واكتسب) فيها في معاملة (بطريق شرعي لم يحرم كسبه، و) لكن (كان عاصيا بسكناه) فيها، (وللناس أن يشتروا منهم، ولكن لو وجدوا أسواقا أخر، فالأولى الشراء منهم) وترك [ ص: 150 ] الشراء من تلك، (فإن ذلك) أي: الشراء منهم (إعانة لسكانهم) وترويج لهم، (وتكثير لكراء حوانيتهم) وترغيب لسكناها، (وكذلك معاملة السوق التي لا خراج لهم عليها أحب من معاملة سوق لهم عليها خراج) ، (وقد بالغ قوم) من الورعين (حتى لم يجوزوا معاملة الفلاحين) أي: الزراعين، (وأصحاب الأراضي التي عليها خراج) مضروب; (لأنهم ربما يصرفون ما يأخذون إلى الخراج) المذكور، (فتحصل به الإعانة، وهذا) في الحقيقة (غلو في الدين وحرج على المسلمين) ، ولا يليق بيسر هذه الأمة، (فإن الخراج قد عم الأراضي) كلها شرقا وغربا، (ولا غنى بالناس عن ارتفاع الأرض، فلا معنى للمنع منه، ولو جاز هذا لحرم على المالك زراعة الأرض حتى لا يطلب خراجها منه، وذلك مما يطول) الحال فيه، (ويتداعى إلى حسم) ، أي: قطع (باب المعاش) على الخلق .




الخدمات العلمية