الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومنها أن يحسن إلى كل من قدر عليه منهم ما استطاع لا يميز بين الأهل وغير الأهل .

روى علي بن الحسين على أبيه عن جده رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله ، فإن أصبت أهله فهو أهله وإن لم تصب أهله فأنت من أهله .

وعنه بإسناده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس واصطناع المعروف إلى كل بر وفاجر .

قال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ أحد بيده فينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها ولم تكن ترى ركبته خارجة عن ركبة جليسه ولم يكن أحد يكلمه إلا أقبل عليه بوجهه ثم لم يصرفه عنه حتى يفرغ من كلامه .

التالي السابق


(ومنها أن يحسن إلى كل من قدر عليه) من الإحسان إليه (منهم ما استطاع) عليه (لا يميز بين الأهل) للمعروف (وغيرهم وروي عن) أبي الحسن زين العابدين (علي بن الحسين) بن علي بن أبي طالب (عن أبيه) الحسين (عن جده) علي -رضي الله عنه- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اصنع المعروف) وهو كل ما عرف حسنه من الشارع (إلى أهله وإلى غير أهله، فإن أصبت أهله فهو أهله وإن لم تصب أهله فلست من أهله) وانظر إلى قوله تعالى: ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا والأسير في دارنا هو الكافر، فأثنى على من صنع معروفا بإطعامه فكيف بمن أطعم موحدا؟! ولهذا قال ابن عباس: لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره فإنه يشكرك عليه من لم تصطنعه. قال العراقي: ذكره الدارقطني في العلل وهو ضعيف، ورواه في المستجاد من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرسلا بسند ضعيف. اهـ .

قلت: وكذلك رواه ابن النجار في تاريخه من حديث علي ورواه الخطيب من رواية مالك من طريق بشر بن يزيد الأزدي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه، وقال الحافظ في اللسان: له عن مالك مناكير، ثم ساق منها هذا الخبر ثم عقبه بقوله: قال الدارقطني: إسناده مظلم ثم إن لفظ روايتهم: "اصنع المعروف إلى من هو أهله وإلى غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت أهله وإن لم تصب أهله كنت أنت أهله".

(وعنه) أي: عن علي بن الحسين بن علي (بإسناده) المذكور عن أبيه عن جده (-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: رأس العقل) أي: أصله وعماده الذي يقوم به (بعد الإيمان) وفي نسخة: بعد الدين (التودد إلى الناس) أي: المتسبب في محبتهم لك بالبشر والطلاقة والهداية والإحسان وغير ذلك (واصطناع الخير إلى كل بر وفاجر) .

قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط وأبو بكر الجعابي في أخبار الطالبيين وعنه أبو نعيم في الحلية دون قوله: واصطناع .. الخ. وفي سنده عبيد الله بن عمر القيسي وهو ضعيف، ورواه البيهقي كذلك عن طريق هشيم بن علي بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب مرسلا فدلسه هشيم، وقال في موضع آخر في هذا الإسناد ضعف .

ورواه الديلمي كذلك بزيادة "في غير ترك الحق" ولفظ المصنف بتمامه قد رواه أيضا البيهقي من طريق عبد الله بن أحمد بن عامر الطبائي عن أبيه عن علي بن موسى الرضا عن آبائه، أورده الذهبي في الضعفاء يعني الطائي، وقال: له نسخة باطلة، ورواه الشيرازي في الألقاب من حديث أنس بزيادة: " وأهل التودد في الدنيا لهم درجة في الجنة " الحديث، وكذلك أخرجه البيهقي أيضا عن طريق إسماعيل بن يحيى العسكري عن إسحاق العمي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة، والعسكري والعمي ضعيفان .

وروى البيهقي من مرسل سعيد بن المسيب بإسناد ضعيف بزيادة: "وما يستغني الرجل عن مشورة وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب قضاء الحوائج إلا أنه قال: [ ص: 258 ] "مداراة الناس" بدل قوله "التودد إلى الناس" وروي عن يونس بن عبيد عن ميمون بن مهران قال: التودد إلى الناس نصف العقل وحسن المسألة نصف الفقه ورفقك في المعيشة يلقي عنك نصف المؤنة، وقد روي هذا مرفوعا بإسناد ضعيف .

(وقال أبو هريرة -رضي الله عنه- كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يأخذ أحد بيده فينتزع يده حتى يكون هو الذي يرسله ولم يكن ترى ركبته خارجة عن ركبة جليسه ولم يكن أحد يكلمه إلا أقبل عليه بوجهه ثم لم ينصرف) وفي نسخة: ثم لا يصرفه (عنه حتى يفرغ من كلامه) .

قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، ولأبي داود والترمذي وابن ماجه نحوه من حديث أنس بإسناد ضعيف .

قلت: أخرجه الترمذي في كتاب الزهد عن سويد بن نضر عن المبارك عن عمران بن زيد الثعلبي عن زيد العمي عن أنس بلفظ: "كان إذا استقبله رجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل هذا الذي ينزع يده من يده، ولا يصرف وجهه منه حتى يكون هو الذي يصرف وجهه، ولم أره مقدما ركبته بين يدي جليس له".

وأخرجه ابن ماجه من طريق وكيع عن أبي يحيى الطويل هو عمران بن زايد الثعلبي المذكور وشيخه زيد العمي، ضعيف عند الجمهور .

وأخرجه ابن سعد في الطبقات من طريق الحسن بن الحكم عن أنس والحارث بن أبي أسامة من طريق يونس بن عبيد عن ثابت عن أنس، ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق الحارث هذا .




الخدمات العلمية